للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان معْ تَفَنُّنِه في العلوم خَيِّرًا، زاهدًا، قانعا، منْقطعا عن الناس، ذا عِفَّةٍ، وصبرٍ على اشْتغال الطلبة، واحْتمال جَفاهم، وطلاقة لسانٍ، ولم يعْتَنِ بالتَّصْنِيف.

مات في رمضان، سنة تسع وخمسين وثمانمائة، رحمه الله تعالى.

ومن شعره قوله:

شرابُك المخْتُومُ في آنِيَهْ … وخَمْرُ أعْدائكَ مِن آنِيَهْ (١)

فليت أيَّامَك لي آنيِهْ … قبلَ انْقضاء العُمْرِ في آنِيَهْ (٢)

وقال في "الغُرَف العَلِيَّة": كان والِده حَنْبَلِيًّا، فلمَّا مات تحنَّف هو، وأخَذ فقْه الحنفية عن الضِّياء محمد الهَرَوِيّ (٣)، والشيخ عبد الرحمن (٤) خالِ علاء الدين البُخاريِّ، وبَحَث في الفقه على مذهب الإمامين: الشافعِيّ وأحمَدَ، رضي الله تعالى عنهما.

إلى أن قال: وقد أُشيرَ إليه في النحو، والتَّصْريف، والمعانِيّ، والبيان، والمنْطِق، والجَدَلِ، وآداب البحث، والأصْلَيْن، والطبِّ، الفقه، والقِراءات، والتفسير، التَّصَوُّف. وأقبلَ الناسُ عليه، وانْتفَع به خلائقُ.

ثم ذكَرَ من أخَذ عنهم الحديث، والكُتُبَ التي سمِعها، وعدَّد طائفةً منها.

وذكَرَ له السَّخاوِيُّ فِى "الضوء اللامع"، تَرْجِمةً واسعةً، خُلاصتُها نحوُ ما ذكرنا، ثم قال: ولم يُخَلِّفُ بعدَه في مَجموعِه مِثْلِه. والله تعالى أعلمُ.

* * *


(١) آنية الثانية، من قولهم "أنى الحميم، انتهى حره، فهو آن، وهي آنية.
(٢) آنية الأولى، بمعنى قريبة، أو دانية، والثانية بمعنى الحين والأوان.
(٣) في بعض النسخ "البروي"، والمثبت من الضوء اللامع.
(٤) هو التشلاقي أو القشلاغي، بالقاف والشين والغين المعجمتين، كما في الضوء.

<<  <  ج: ص:  >  >>