المكّي، وأسند "دلائل الخيرات" عن الشيخ علي بن يوسف ملك باشلي الحريري، ثم رجع إلى "الهند".
وكان رحمه الله ورعا، تقيّا، زاهدا، جمع العلم والعمل، والإقبال على الطاعة، والسداد في الرواية، وقلّة الكلام فيما لا يعنيه، وقلّة الخلاف على أصحابه، وحفظ اللسان عن الفلتات، التي لا يخلو عنها غالب أمثاله، وحسن سمت، وقناعة، وعفاف، وزهد، واستغناء، وإيثار، ومحاسن أوصاف، فتح الله عليه بالمعارف، وجعله من العلماء الراسخين في العلم.
ومن أخلاقه الزكية: أنه لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، ولا يضيع ما استودع، ولا يحسد، ولا يطعن، ولا يلعن، ويعترف بالحقّ، وإن لم يشهد عليه، ولا يتنابز بالألقاب، ولا يجمع في الغيظ، ولا يغلبه الشحّ عن معروف يريده، وكان لا يستحي من الحقّ، ويقول فيما لا يعلم: إنه لا يدري.
وكان يقوم في جوف الليل، ويتهجّد، ويشتغل بالذكر والفكر، ثم يغدو إلى الجامع الكبير، ويترقّب الصلاة فيه، مشتغلا بالمراقبة، حتى يجتمع الناس، ويصلّي بالجماعة في الغلس، ثم يشتغل بالأذكار الراتبة إلى الإشراق، ثم يصلّي، ويتوجّه إلى أصحابه، ويلقي عليهم الذكر ساعة، ثم يقرأ القرآن إلى الضحوة، ثم يصلّي، ويرجع إلى بيته، ويدرّس الطلبة إلى الهاجرة، ثم يتغدّي، ويقيل ساعة، ثم ينهض، ويذهب إلى المسجد، ويصلّي الظهر بجماعة في أول وقته، ويشتغل ساعة بالأحزاب، ثم يرجع، ويدرّس إلى وقت العصر، ثم يذهب إلى المسجد، ويصلّي العصر بجماعة في أول وقته، ثم يرجع، ويجلس للناس فارغا بالظاهر، ومشتغلا بالباطن، ويتكلّم بقدر الضرورة، مع بشاشة الوجه، والتبسّم إلى وقت المغرب، ثم يصلّي المغرب بالجماعة في المسجد، ثم يشتغل بمطالعة الكتب والتصنيف والإفتاء إلى العشاء، ثم يصلّيه في المسجد، ويذهب إلى الحرم، ويتعشّي، وينام، ولا يشتغل بشيء بعد العشاء.