بطول اختلاطهم بالشيعة وحكمهم، ونفوذهم في هذه البلاد مشمّرا في سبيل ذلك عن ساق الجدّ والاجتهاد، معتبرا ذلك أعظم قربة وأفضل جهاد.
يؤلّف، ويناظر، يخطب، ويحاضر، ويكشف اللثام عن عقائد الشيعة ومذاهبهم وآرائهم، وما ذهبوا إليه في كتبهم، التي لا يتوصّل إليها أفراد الناس وعامة العلماء، ولا يعلمها إلا خاصّة الخاصّة، حتى صار في ذلك المفرد في "الديار الهندية"، وفي غيرها.
وانتهت إليه الإمامة في هذا الشأن في عصره، لا يدانيه في الإحاطة بهذا الغرض أحد من معاصريه، إلا أن يكون عند الله علم بذلك.
نفع الله به خلائق لا يحصون بحدّ وعدّ، وأقلع من لا يحصيه إلا الله عن البدع والرسوم المنتشرة في "الهند" بتأثير الشيعة من صنع الضرائح من الورق، التي يسمّونها "تعزيه"، ومن سوء الظنّ بالصحابة، رضي الله عنهم، ومن بسط اللسان فيهم والوقوع في أعراضهم، وتمسّكوا بالعقيدة السنية الخالصة، ورسخ حبّهم والتعظيم لهم في قلوبهم، وأسّس لهذا الغرض مدرسة سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة وألف، سماها دار المبلّغين.
هذا مع الورع، وحسن السمت، والتواضع، والاشتغال بخاصّة النفس، وإيثار الانقطاع، وترك التكلّف، ودوام الابتهال، والزهد، والتوكّل، والاشتغال بالذكر، والمراقبة.
كان متوسّط القامة، أقرب إلى القصر، على وجهه سيماء الصالحين، أسمر اللون، شديد السمرة، متخفّفا في اللباس، طارحا للتكلّف، نشيطا قويا في العمل والاشتغال، ودائم البشر، مهيبا، وقورا، لا يتكلّم إلا فيما يعنيه، كثير الصمت والحياء، وكان كلامه فصلا، لا فضول فيه، ولا مبالغة.
بايع الشيخ أبا أحمد البوبالي بن الشيخ خطيب أحمد بن الشيخ رؤوف أحمد المجدّدي، واختصّ به، وداوم على أشغال القوم.