التمسّك بالدين وشعائره، والمواظبة على الذكر، وقراءة القرآن، ونشَّأوا أبناءهم على ذلك، فجزاهم الله عنهم خير الجزاء، وبعد كساد صناعة الصايات بسبب تحوّل اللباس عند الأتراك من الثياب إلى (البدلة) الإفرنجية تحوّل والده إلى متجر في سوق الزهر بـ "حلب" المتفرع من "شارع بانقوسا" كان يبيع فيه الأقمشة المختلفة مما يلبسه أهل الريف الحلبي.
ومن الطريف: أنه يوم ولد والدي رحمه الله باع جدّه ووالده ألف صاية درجة، ففرحا كثيرا، وأطلقا على المولود اسم عبد الفتّاح، لما فتح الله عليهما به يوم مولده.
وقد كان أساس سكنى العائلة بحيّ الجُبَيلة، وقد كانت هناك أرض عليها دار متواضعة، وهي بالأصل لآل غدّة، وبعض أقاربهم وِرْثةً، فأخذ جدّه بشير، وقد كان من الوجهاء العقلاء الفصحاء النبلاء الفطينين الرزينين هذه الأرض مراضاة، حيث أتى بكاتب شرعي من المحاكم الشرعية، وبعض الوجهاء، ثم دعا من له حصّة في هذه الأرض، وأعطاهم ما طلبوا، حتى أرضاهم، واستملك الأرض.
ثم جدّد هذا البيت، وعمّره عمارة جميلة، فأصبح فيه سبع غرف، وأربعة أقباء (جمع قبو)، (وهو الغرفة التي تكون تحت مستوى الأرض)، وكان واسعا رحبا جميلا، حتى إن بعض الناس كان يقيم الأعراس فيه لجماله ورحابته، وقد أدرك والدي عملية التملّك هذه، وهو بين ٦ - ٨ سنين.
وقد قال والدي عن جدّه بشير: إنه كان أبعد نظرا من ابنه محمد، وقد توفي جدّه عن قرابة ٨٥ سنة، وكان عمر والدي قرابة عشرين سنة، كان برا بجدّه يحمله إلى حيث يريد، بعد ما أقعد، ولما توفي كان والدي في مبدأ طلبه العلم، وقد طلب والدي العلم متأخّرا، وعمره ١٩ سنة تقريبا.
وتوفي والده رحمهم الله جميعا ليلة الامتحان، هو في المدرسة الخسروية قبل ذهابه إلى "الأزهر" بسنتين، وعمره قرابة ٢٥ سنة أي سنة ١٣٦١ هـ.