للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرَوَّض مِن مَغْناكمُ كلَّ تَلْعَةٍ … وطفَّح مِن بَطْحائكم كلُّ مِذنَب (١)

وهَبَّتْ لكم ريحُ الصَّبا بتَحِيَّةٍ … أرَقَّ من الشِّكْوَى إليكم وأعْذب

ومنها أيضا:

خَليلَيَّ مِن عَلْيا رَبيعةَ مالنا … عَقَقْنا وكُنَّا مِن أبَرِّ بَنى أَبِ

رَحَلْنا وخَلَّيْنَا أعِزَّةَ أهْلِنا … يُراعون مَسْرَى الطَّارِق المتأوِّبِ

وصَرْعَى بأكْنافِ الخِيامِ كأنَّهم … سُكارَى ولم تُتْرَعْ كُؤُوسٌ بأكْؤُبِ (٢)

يئِنُّون ممَّا أثْخَنَ البَيْنُ فيهم … أنينَ أسيرِ السَّائرين المعَذّب

لهم بقُدومِ الرَّكْب أُنْسٌ وغِبْطةٌ … وإن لم يكُنْ من نَحْوِنا شَدُّ أرْكُبِ

فإن آنَسوا ذِكْرًا رَمَوْا بأكُفِّهمْ … إلى كلِّ قَلبٍ في لظًى مُتَقَلِّبِ

فإن عايَنوا مِنَّا كتابا تَطالَعَتْ … بوادِرُ دَمْعٍ بالدِّماءِ مُخَضَّبِ

قَصَدْنا لهم ضِدَّ الذي قَصَدوا له … لقد عاقَبَتْ آراؤُنا غيرَ مُذْنِبِ

إلى أيِّ حَيٍّ غيرهم أنا راحلٌ … ومِن أيّ أهلٍ بعدَهم مُتَطلَّبِي

أعاتِبُ نفسي في اصْطباِرِيَ عنْهم … وأذهبُ في تأنيبِها كلَّ مَذهبِ

وإمّا رأى الأقْوام مِنِّي تَجَلُّدًا … فما الشَّأنُ إلا في الضَّميرِ المغَيَّبِ

فكتب جوابَه إليه من "مصر" إلى "حَلَب" (٣):

أتاني ومَن طابَتْ به أرْض يَثْرِبِ … على شِدَّةِ البَلْوَى وطُول التَّرَقُّبِ

أمينٌ إذا ما اسْتُودِع السِّرَّ صانَهُ … وإن خان فيه كلُّ خِلٍّ مُهَذَبِ

فاكْرِمْ به من زائِرٍ مُتَعَمِّدٍ … وأحْسِنْ به مِن واصلٍ مُتَعَتِّبِ

سَرَرْتُ به نفسي وأقْررْتُ ناظِرِي … وأكْثَرْتُ إعْجابي به وتَعَجُّبِي

وقَبَّلْتُه في الحال ثم وضعْتُه … على كَبِدٍ حَرَّى وقلبٍ مُعَذَّبِ


(١) المذنب: مسيل الماء، والجدول إذا لم يكن واسعا.
(٢) في الخريدة: ولم تقرع، وهو أصح.
(٣) خريدة القصر ٢: ٢٢١، ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>