عبد الغفور التهانيسري، وأكثره عن الشيخ مبارك بن خضر الناكوري، وقرأ بعض كتب على القاضي أبي المعالي الحنفي، وقرأ "بست باب" في الاصطرلاب على مير تقى ابن فارغي الشيرازي، وأخذ الشعر والألغاز، والنجوم، والحساب، والموسيقي، والشطرنج، الصغير، والكبير، وضرب البين (نوع من العود)، وكثيرا من الفنون.
وصحب أبا الفيض، وأبا الفضل ابني الشيخ مبارك ابن خضر المذكور أربعين سنة، وصحب نظام الدين بن محمد مقيم الهروي، وغياث الدين بن عبد اللطيف القزوبني، وكمال الدين حسين بن حسن الشيرازي، وخلقا آخرين من العلماء.
ولازم الأمير حسين خان أحد ولاة "أوده" مدّة طويلة، وكان الأمير يحسن إليه، ويمنحه الصلات، والجوائز، ثم تركه سنة إحدى وثمانين، وتسعمائة، ودخل "آكره"، فشفع له جلال خان القورجي، وعيّن الملك الشيرازي إلى أكبر شاه بن همايون السلطان، فقرّبه إليه، وخاطبه، وأدخله في صفّ العلماء، ففاق الأقران في زمان يسير في القرب والمنزلة، واتّخذه السلطان إماما لصلواته، وأعطاه ألف فدّادين من الأرض الخراجية، وأمره بنقل الكتب الهندية إلى اللغة الفارسية، فألَّفَ كتبا عديدة:
١ - فأول ما أمره به نقل "اتهرين ويد"، رابع الكتب المقدّسة في زعم الهنادك، وهو في لغة سنسكرت، يزعمون أن بعض أحكامه موافق للشريعة الإسلامية، فكان البدايوني يكتبه في الفارسية بعد ما يفهمه الشيخ بهاون الدكني، الذي كان من أحبار الهنادك، ثم أسلم، ولكنه لما كان ذلك الكتاب في غاية الدقّة، والغموض كان الشيخ بهاون يعجز عن إفهامه، فرفع البدايوني تلك القصّة إلى السلطان، فأمر أبا الفيض بن المبارك الناكوري، بنقله إلى الفارسية، ثم أمر الحاج إبراهيم السرهندي لذلك، حتى تم الكتاب، ولكنه بقيتْ خبايا في الزوايا.