وقرأ هناك علي العلامة شيخ الإسلام حافد العلامة سعد الدين التفتازاني حواشي "شرح المطالع"، و "حواشي شرح العضد" للسيّد الشريف وغير ذلك.
ثم أتى بلاد الروم في أواخر سلطنة السلطان بايزيدخان، وحين جلس السلطان سليم خان على سرير السلطنة أعطاه مدرسة علي بيك بمدينة "أدرنه"، ثم أعطاه المدرسة الحجرية بالمدينة المذكورة، ثم أعطاه مدرسة الوزير محمود باشا بمدينة "قسطنطينية".
ثم أعطاه إحدى المدرستين المتجاورتين بـ "أدرنه"، ثم أعطاه إحدى المدارس الثمان، وقبل وصوله إليها أعطاه مدرسة السلطان بارزيدخان بمدينة "أدرنه"، ثم أعطاه قضاء "بروسه"، ولما جلس السلطان سلطاننا الأعظم سلمه الله تعالي، وأبقاه على سرير السلطنة أعطاه قضاء "قسطنطينية"، وبعد يومين جعله قاضيا بالعسكر المنصور في ولاية "أناطولي".
ثم جعله قاضيا بالعسكر المنصور في ولاية "روم إيلي"، ثم عزله عن ذلك، وعين له كلّ يوم مائة درهم بطريق التقاعد، ثم صرف جميع ما في يده من المال إلى وجوه الخيرات، وبنى مكتبين ومدرسة، ووقف جميع كتبه على العُلماء بمدينة "أدرنه"، ثم فرق ما عنده من الطلبة، وأمر السلطان أن يعطوا المناصب عند تيسرها، وكانت عنده جارية أعتقها، وزوّجها لرجل صالح، ثم ارتحل منفردا عن الأهل والمال والجاه إلى "مكّة المشرّفة"(١)، واعتزل هناك عن الناس، واشتغل بالعبادة، إلى أن توفي في سنة أربع أو خمس وأربعين وتسعمائة، قذس الله تعالى روحه، ونوّر ضريحه.
(١) كذا في بعض النسخ، والذى في المصادر أنه ارتحل إلى مكة المشرفة، وجاور بها.