للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلتُ: روَى عنه الحسن بن محمد الخَلال، والعَتِيقِيّ، وعبد الواحد بن شِيطَا، وأبو جعفر بن المسْلِمَة، ووثَّقه الخطيبُ.

تُوُفِّيَ في صَفَر، وله شِعْرٌ رائق.

انتهى ما قاله الذَّهبي بحُروفِه، في وفيات سنة إحْدَى وثمانين وثلاثمائة.

وذكره الثَّعالِبِيّ في كتاب "يتيمة الدهر"، ولكن لم يتعرَّض لمذهبه في الفقه، فقال: وكان، كما قرأتُه في فصلٍ للصَّاحب، شجرةَ فضلٍ عُودُها أدب، وأغْصانها عِلمٌ، وثَمَرتُها عَقْلٌ، وعُروقُها شَرَفٌ، تَسْقِيها سماءُ الحُرِّيَّة، وتُغذِّيها أرْضُ المرُوَّة.

ثم قال، أعني الثَّعالِبِيّ: وقد تقدَّم بعضُ ذكره في مُنادَمَة المهَلَّبِيّ، وغيره من الوزراء، وجمعه بين جِدِّ العلم وهَزْلِ الظَّرْف، وخشُونة الحُكم ولِينِ قِشرْة العِشْرة، وكان على تقَلُّدِه قضاءَ القضاة دُفُعات بالحَضْرة، اشْتغاله بجلائل [الأعمال من أمور] (١) المملكة، يقول شعرًا لطيفًا في الغَزَل، يتَعاودُه القَوَّالون والْقِيان مُلَحَّنا.

قال: وقرأتُ لأبي إسْحاق الصَّابِي فصْلا، وهو: وصَلَ كتابُ قاضي القُضاة بالألْفاظ التي لو ما زَجَت البحرَ لأعْذَبَتْه، والمعاني التي واجَهَتْ دُجَى الليل لأزَاحَتْه، فلم أدْرِ بأيِّ مذاهِبه فيها أعْجَبُ، ولا من أيِّها أتَعَجَّبُ، أمن قَريضٍ عُقودُه مَنْظومة، أم من ألْفاظٍ لآليها مَنْثورة، أم مِن وُلوجِها الأسْماعَ سائغة، أم من شِفائها الغُلَّةَ ناقِعَةً، فأمَّا الأبيات التي رسمَ المغَنِّى (٢) بتَلْحِينها، وقال بمذهب أهل "الحجاز" فيها، فما أعرِف كُفُوًا لمِثْلِها مُلَحِّنًا، ولو كان إسحاق الموْصِلِيّ، ولا مُجِيبًا ولو كان امْرأ القيس الكِنْدِيّ، ولا أرْتَضي لها مَهْرًا إلى حَبَّات القُلوب، ولا مَجالا إلى أرْجاء الصُّدور، وقد جعل اللَّه فيها من


(١) تكملة من اليتيمة.
(٢) في بعض النسخ "المعنى"، وفي اليتيمة "التقدم".

<<  <  ج: ص:  >  >>