وقد منع أبو علي الفارسي: لمستَهَلّ؛ لأن الاستهلال قد مضى، ونصّ على أن يؤرّخ بأول الشهر في اليوم، أو بليلة خَلت منه.
قال الحريري في "درة الغوَّاص": والعرب تختار أن تجعل النون للقليل والتاء للكثير، فيقولون لأربع: خلون، ولأربع عشرة ليلة: خلت.
قال: ولهم اختيار آخر، وهو أن تجعل ضمير الجمع الكثير الهاء والألف، وضمير الجمع القليل الهاء والنون المشدَّدة، كما نطق القرآن به، قال الله تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}، فجعل ضمير الأشهر الحرم بالهاء والنون لقلتهن، وضمير شهور السنة الهاء والألف لكثرتها.
وكذلك اختاروا أيضًا أن ألحقوا لصفة الجمع الكثير الهاء، فقالوا: أعطيته دراهم كثيرة، وأقمت أيامًا معدودة، وألحقوا لصفة الجمع القليل الألف والتاء، فقالوا: أقمت أيامًا معدودات، كسوته أثوابًا رفيعات.
وعلى هذا جاء في سورة البقرة:{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}، وفي سورة آل عمران {إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}، كأنهم قالوا أولا: بِطُول المدّة، ثم إنهم رجعوا عنه، فقصروا المدة. انتهى.
والواجب أن تقول في أول الشهر: لليلة خلتْ منه، أو لغرَّته، أو لمستهلّه.
فإذا تحققت آخره، قلت: انسلاخُهُ، أو سَلخُه، أو آخره.
قال ابن عصفور: والأحسن أن تؤرخ بالأقل فيما مضى وما بقى، فإذا استويا أرخت بأيهما شئت.
وقال الصلاح الصفدي بعد نقله كلام ابن عصفور هذا: قلتُ: بل إن كان في خامس عشر، قلت: منتصف، أو في خامس عشر، وهو أكثر