الوفاء عن الناس وخروجه إليهم مؤقّتا، وعدم التفاته إلى الأصاغر والأكابر، فقال أختار جانب الحضور على حسن الخلق.
ومن جملة مناقبه الشريفة: ما حكي عن الشيخ مصلح الدين الطويل، وكان هو من جملة أحبّائه أنه قال: كنت مع سائر الطالبين عند حضور الشيخ بجامع زيرك، وعنده الشيخ عابد جلبي من أبناء جلال الدين الرومي، وكان قاضيا، ثم تركه، وصار ممن يلازم خدمة الشيخ، فأسره الشيخ بكلام إليه، فنظر هو إلى جانب، وتبسّم، قال فتعجّبت من هذا الحال، فسألت عابد جلبي عن هذا، فقال: قال لي الشيخ: انظر إلى بدر الدين خليفة، وكان إماما بالجامع المذكور، وكان رجلا صالحا من أهل الطريقة الخلوتية، قال: قال: فنظرت، فإذا هو في زيّ راهب، فتبسّمت من هذا، قال الشيخ مصلح الدين رحمه اللَّه تعالى: فازداد بهذا الكلام اضطرابي، فقلت في نفسي: كيف كشف الشيخ حال ذلك الإمام، مع أنه رجل صالح من أهل الطريقة، كيف خصّ هذا الكلام بعابد جلبي، ولم يكن ذلك من عادته، فغلب علي هذا الخاطر، حتى تكلّمت عند الشيخ، قال الشيخ: ذلك الزىّ صورة إنكاره عليّ، لا صورة دينه، وتخصيص الكلام بعابد جلبي هو أن مشارب الناس مختلفة، مثلا: صبيان العوام يعلّمون بالضرب، وصبيان الأكابر يعلّمون باللطف، ولو لم أتلطّف معه لتركني، وترك هذا الطريق.
ومن جملة مناقبه: أن عجوزا من أحبّائه جاءت إليه يوما، فقالت: رأيت واقعة عجيبة، رأيتنى في المنام ضفدعا، فقال: الشيخ لا بأس بذلك، ولا ضرر فيه عليك، ولم تقنع العجوز بهذا الكلام، ولم تبرح من مكانها، ثم التفت إليها الشيخ، وقال: لعلّك نويت الضيافة، فتركتها، قالت: نعم، نويت ضيافة أحبّاء الشيخ، ثم تركتها لضيق مكاني عنهم، فراحت العجوز، وقنعت بهذا التعبير،