دنا فتدلّى قاب قوسين ربه … فأوحى إليه من عظام المسائل
وصار نجيا للحبيب حبيبه … وجبريل ناء في الوراء بمعزل
هدانا إلى الخير وجنة ربنا … أتانا من اللَّه بدين معدَّل
لقد جاء والناس في قعر ظلمة … ضلال وإشراك وفي كل باطل
بشيرا نديرا للأنام ورحمة … رؤوفا رحيما مثل عذب المناهل
سراجا منيرا مثل شمس ظهيرة … كريما جوادا مثل غيث محفَّل
عزيز عليه ما عنتم محبة … حريص عليكم لن تروا من مماثل
وداع إلى الخير بوعظ وحكمة … وهاد إلى اللَّه بدين مدلَّل
وبالبينات من دلائل ربه … وبالمعجزات الباهرات الجلائل
تشقّق بدر من إشارة إصبع … تكسّر صخر من إشارة مِعْوَل
وسلّم أحجار إليه تحيّة … عليك سلام اللَّه دوما تقبَّل
وجاء عِدَاه بالحجارة قبضة … فنادت نداء في شهادة مرسل
تفلّت أشجار إليه ملبّة … وقامت لديه مثل عبد مذلَّل
تجمّع أغصان إليه مظلّة … وسار الغمام مثل سقف مظلَّل
وحنّت إليه نخلة من محبة … فأنت ورنَّت كاليتيم وأرمل
فلما أتاها هادئا متعطّفا … لغاض بكاها كالوليد المعلَّل
تشكَّت إليه بالمظالم ناقة … كلّم ظبي مثلي ثكلى بمأمل
أتت عنكبوت بالبيوت وقاية … عليه من الأعداء تحمي بمقتل
وجاءت تقيه من عدوّ حمامة … يقول لِثَان لا تخفْ وتوكَّل
وقد قال يا أرض خذيه لفارس … فلم يتخلّص لحبل أمر مبدّل
طيور ووحش والخلائق كلها … لتدري رسول اللَّه دون التأمّل
دعا قومه يوما إلى اللَّه دعوة … وأنذرهم هولا العذاب المعجَّل
فنادى نداء يا معاشر مكة … هلمُّوا إلى قول النذير المهوّل
فعم قريشا والعشيرة كلّها … وخصّ من القربى بقول مفصل