ثم أتى مدينة "قسطنطينية"، وقرأ على المولى العالم الفاضل المولى خسرو، ثم أرسله المولى المذكور إلى المولى مصلح الدين بن حسام، وعلّل في ذلك، وقال: إني مشتغل بالفتوى، والمولى مصلح الدين يهتمّ لتحصيلك أكثر منى، فذهب إليه، وهو مدرّس بسلطانية "بروسه"، فقرأ عنده العلوم العقلية والشرعية.
ثم صار معيدا لدرسه، ثم زوّجه المولى المذكور بنته، وحصل له منها أولاد، ثم أعطاه السلطان محمد خان المدرسة الحجرية بـ "أدرنه"، وعين له كلّ يوم ثلاثين درهما، وأعطاه خمسة ألاف درهم، وبعضا من الألبسة، وذلك، لأنه سمع فقره، ولما صار محمد باشا القراماني وزيرا للسلطان محمد خان نقمه لكثرة مصاحبته مع سنان باشا، فنقله من تلك المدرسة إلى مدرسة أخرى، ونقص من وظيفته خمسة دراهم، والمولى المذكور لم ينقطع عن سنان باشا لسابقة فضله عليه وكرمه، ولهذا نقله الوزير المذكور إلى مدرسة أخرى، ونقص من وظيفته خمسة أخرى، واشمأزَّ المولى المذكور من ذلك، فترك التدريس، واتصل إلى خدمة الشيخ العارف بالله مصلح الدين ابن الوفاء.
ثم مات السلطان محمد خان، وقتل الوزير المذكور، وجلس السلطان بايزيد خان على سرير السلطنة، ورأى السلطان بايزيد خان المولى المذكور في المنام، فأرسل إليه الوزراء، ودعاه إليه، فلم يجب، ثم أرسله جبرا إلى بلدة "أماسيه"، وعين له كلّ يوم ثلاثين درهما، وفوّض إليه أمر الفتوى هناك، ثم أعطاه مدرسة السلطان مراد خان الغازي بمدينة "بروسه"، ثم ترك المولى المذكور تلك المدرسة، وذهب إلى "أماسيه" لزيارة ابن عمّه، وهو العارف بالله الشيخ محى الدين محمد الجمالي، ثم أعطاه السلطان بايزيد خان مدرسة أزنيق، وعيّن له كلّ يوم خمسين درهما، ثم أعطاه السلطان بايزيد خان سلطانية "بروسه"، ولما بنى السلطان بايزيد خان مدرسته بـ "أماسيه" نصبه مدرّسا بها، وفوّض إليه أمر الفتوى هناك، ثم أعطاه إحدى المدارس الثمان، فدرّس هناك مدّة كبيرة،