للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأخْبر بِهِ الْمولى فَخر الدين الْمَزْبُور، وَأَرَادَ هُوَ أن يسمع كلماتهم مِنْهُم، فاختفى فِي بَيت مَحْمُود باشا، ودعا مَحْمُود باشا ذَلِك الملحد إلى بَيته، وأظهر أنه مَال إلى مَذْهَبهم، فَتكلم الملحد جَمِيع قواعدهم الْبَاطِلَة، وَالْمولى الْمَذْكُور يسمع كَلَامه، حَتَّى أدت مقَالَته إلى القَوْل بالحلول.

وَعند ذَلِك لم يصبر الْمولى الْمَذْكُور، حَتى ظهر من مَكَانه، وَسَب الملحد بِالْغَضَبِ والشدة، فهرب الملحد إلى دَار السَّعَادَة، وَالْمولى الْمَذْكُور خَلفه، وأخذ الملحد، وَالسُّلْطَان سكت عَنهُ استيحاء مِنْهُ.

ثمَّ أتى الْجَامِع الْجَدِيد بـ "أدرنه"، فأذن المؤذنون، وَاجْتمعَ النَّاس فِي الجامِع، وَصعد الْمولى الْمِنْبَر، وَبَين مذاهبهم الْبَاطِلَة، وَحكم بكفرهم، وزندقتهم، وَوُجُوب قَتلهمْ، وَعظم ثَوَاب من أعان فِي قَتله، ثمَّ أخذه مَعَ أصحابه إلى مصلى الْمَدِينَة، وأحرق رئيسهم.

رُوِيَ أنه نفخ النَّار بِنَفسِهِ، حَتَّى احترقت لحيته، وَكَانَ عَظِيم اللِّحْيَة، ثمَّ جمع النَّاس الْحَطب، وأحرقوا الملحد بعد قَتله، وَقتلُوا أصحابه بأسرهم، وأطفأوا نَار الإلحاد.

يرْوى أن الْمولى الْمَذْكُور لما مرض مرض الْمَوْت عَاده الْمولى عَليّ الطوسي، واستوصاه، فأوصى أن لَا يخلي ظهر الْعَوام من عَصا الشَّرِيعَة، وَلم يتَكَلَّم غير ذَلِك، ثمَّ مَاتَ، وَدفن بِمَدِينَة "أدرنه"، أفاض الله عَلَيْهِ سِجَال الغفران، وَأَسْكَنَهُ دَار الْكَرَامَة والرضوان.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>