للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ماهرا فِي علمْ التَّفْسِير غَايَة المهارة، وَكَانَ يذكر النَّاس كل يَوْم الْجُمُعَة، وَلما جلس السُّلْطَان بايزيدخان على سَرِير السلطنة، ووصفوه عِنْده بالفضيلة فِي التَّفْسِير والمهارة فِي التَّذْكِير، عين لَهُ كل يَرْم خمسين درهما لأجل التَّفْسِير.

وَكَانَ يذكر النَّاس تَارَة فِي جَامع أيا صوفية، وَتارَة فِي جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان، وَقد حضر السُّلْطَان بايزيد خَان فِي جَامع أيا صوفية لاستماع تَفْسِيره، وَقد ختم تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم فِي جَامع أيا صوفية.

ثمَّ قَالَ: أيها النَّاس إني سَأَلت الله تَعَالَى أن يمهلني إلى ختم تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم، وَلَعَلَّ الله تَعَالَى يختمني عقيب ذَلِك، فَدَعَا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالختم على الْخَيْر والإيمان، فأمن النَّاس لدعائه، ثمَّ أتى بَيته، وَمرض، وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى، كَانَ خَال وَالِدي وأستاذه.

وَكَانَ وَالِدي رَحمَه الله يَحْكِي أنه كَانَ مَعْدن الصّلاح، وَمجمع مَكَارِم الأخلاق، وَكَانَ قنوعا، رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ، وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ، مُنْقَطِعًا إلى الله تَعَالَى، منجمعا عَن خلقه، وصنَّف تَفْسِير سُورَة الدُّخان، وأهداه إلى السُّلْطَان بايزيدخان، وَاسْتَحْسنهُ عُلَمَاء عصره، ورأيته بِخَطِّهِ، وَعرفت مِنْهُ أنه كَانَ آيَة كبرى فِي علم التَّفْسِير.

وَكتب على حَوَاشِي كتاب "تَفْسِير القَاضِي" فَوَائِد، حلّ بهَا الْمَوَاضِع المشكلة من ذَلِك الْكتاب، وصنّف حَوَاشِي على "شرح الْوِقَايَة" لصدر الشَّرِيعَة، وَلَقَد أَجَاد فِيهَا كل الإجادة، وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة "قسطنطينية"، سنة إحدى وَتِسْعمِائَة، وَدفن عِنْد مَزَار الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء، قدّس سرّه الْعَزِيز.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>