للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبيه بمقبرة الفراديس، وبنو الأكرم بـ"دمشق" طائفة كبيرة، منهم: محمد، وهو جدّ محمد هذا والد والده، كان في آخر دولة الجراكسة أميرًا من أمرائهم، فلما ذهبت دولة الجراكسة، وجاءت دولة آل عثمان أعطاه السلطان سليم الفاتح زعامة بأربعين ألف عثماني، فاستمرّ مباشر الزعامة إلى أن عيّنوه خادمًا للسلطنة في جمع أموال العرب، فكتب إلى الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ علوان الحموي كتابا، ولوح فيه إلى ما هو مبتلى به من خدمة السلطنة، وأشار إلى استفهامه عن هذه الأحوال، هل تخلص صاحبها عند الله تعالى، فكتب إليه الشيخ علوان كتابًا، يقول فيه: ولا بأس بخدمة السلطان إذا كانت على طريق الاستقامة، وأيضًا فإن الرأى أن تكون حيث أنزلك، حتى يكون الله عنه نقلك، وأيضًا فإن الله لو لم يرد لك هذا الأمر الذى أنت فيه ما سهله لك، وساق من ذلك فصلًا، كتب بعده في حاشية المكتوب، ومع ذلك أقول:

سبحنوا الطيب لغاتهم … يا ليتهم كانوا صموت

موت النفوس حياتها … من رام أن يحيا بموت

فلما وقف على هذين البيتين علم الإشارة، فنزع ثيابه كلها، وعتق مماليكه، ودخل في عدل ثخين، وجلس في محلة العنابة في مسجد العين ثلاثة أيام، لا يكلم أحدًا، ولا يأكل ولا يشرب، وترك الزعامة والدولة، واستمرّ في بيته بمحلة العنابة، جالسا منفردًا عن الناس، لابسا ثياب الصوفية، إلى أن مات، فانتقل ولده أحمد إلى محلة القيمرية، وسكن في بيوت ابن الحارة، ثم أثبت المدرسة المقدمية، وإنه من ذرية واقفها، وأظهر على ما ادعاه عدة تمسّكات، وانتقل إليها، وسكنها، ثم سكنها بعده ابنه صاحب الترجمة، كما ذكرناه آنفا، واستمرّ بيده تدريسها وتوليتها.

وهذه المدرسة منسوبة إلى من هم منتسبون إليه، وهو أمير الأمراء شمس الدين المقدم، الذي كان من كبار الأمراء في زمن الملك العادل نور الدين

<<  <  ج: ص:  >  >>