وَكَانَ فتح القلعة الْمَذْكُورَة وولادة الشَّيْخ بدر الدين فِي زمن السُّلْطَان غَازِي خداوندكار من سلاطين آل عُثْمَان، ثمَّ إن الشَّيْخ أخذ الْعلم فِي صباه عَن وَالِده الْمَذْكُور، وَحفظ الْقُرْآن الْعَظِيم، وقرأ على الْمولى المشتهر بالشاهدي، وَتعلم الصّرْف والنحو من مَؤلَانَا يُوسُف، ثمَّ ارتحل إلى الديار المصرية مَعَ ابْن عَم أبيه، وَهُوَ مؤيد ابْن عبد المؤمن، وَقَرَأَ بـ"قونية" من بِلَاد "الرّوم" بَعْضًا من الْعُلُوم، وَعلم النُّجُوم على مَوْلَانَا فيض الله من تلامذة فضل الله، وَمكث عِنْده أربعة أشهر.
وَلما توفّي مَوْلَانَا فيض الله ارتحل إلى الديار المصرية، وقرأ هُنَاكَ مَعَ الشريف الجِرْجَانِيّ على مَؤلَانَا مبارك شاه المنطقي الْمدرس بِـ"الْقَاهِرَة"، ثمَّ حج مَعَ مبارك شاه، وقرأ بـ"مَكَّة" على الشَّيْخ الزَّيْلَعِيّ، ثمَّ قدم "الْقَاهِرَة"، وقرأ مَعَ الشريف الجرْجَانِيّ على الشَّيْخ أكمل الدين، وَحصل عِنْده جَميع الْعُلُوم وقرأ على الشَّيْخ بدر الدين الْمَذْكُور السُّلْطَان فرج ابْن السُّلْطَان برقوق ملك "مصر".
ثم أدركته الجذبة الإلهية، والتجأ إلى كنف الشَّيْخ سيد حُسَيْن الأخلاطي السَّاكِن بـ"مصْر" وقتئذ، وَحصل عِنْده مَا حصل، وأرسله الشَّيْخ الأخلاطي إلى بَلْدَة "تبريز" للإرشاد.
وَحكي أنه لما جَاءَ الأمير تيمور خَان إلى "تبريز" وَقع عِنْده مُنَازعَة بَين الْعلمَاء، وَلم ينْفَصل الْبَحْث عِنْده، فَذكر الشَّيْخ الْجَزرِي الشَّيْخ بدر الدين الْمَذْكُور للمحاكمة بَين المتخاصمين، فَدَعَاهُ الأمير تيمور خَان، فَحكم الشَّيْخ بَينهمَا، وَرَضي الْكل بِحكمِهِ، واعترف الْعلمَاء بفضله، ونال من الأمير الْمَذْكُور مَالا جزيلا، وإكراما بَالغا، لا إلى نِهَايَة.
ثمَّ ترك الشَّيْخ الْكل، وَلحق بـ"بدليس"، ثمَّ سَافر إلى "مصر"، وَوصل إلى الشَّيْخ الأخلاطي الْمَذْكُور، ثمَّ مَاتَ الشَّيْخ الأخلاطي، وأجلس الشَّيْخ مَكَانَهُ، فَجَلَسَ فِيهِ سِتَّة أشهر، ثمَ جَاءَ إلى "حلب"، ثمَّ إلى "قونية"، ثمَّ إلى