ذكره الإمام الحافظ عبد القادر القرشي في "الجواهر" وقال: وقيل: اسم زرزور عبد الرحمن بن سلم الفارسي.
حافظ يضرب بحفظه المثل.
قال: يوما أحفظ القرآن من أوله إلى آخره، وأحفظ "تفسير ابن سلّام" كما أحفظ القرآن، وأحفظ فقه أبي حنيفة كما أحفظ التفسير، وأحفظ "الموطأ) وفقه مالك كما أحفظ قول أبي حنيفة، وأحفظ بعد ذلك كثيرا من دواوين العرب وأشعارها.
وكان ورعا، عالما، زاهدا، وكان يحضر مناظرات الفقهاء، فيكرمون حضوره لكثرة حفظه، فحضر يوما جنازة، وحضرها أبو المنهال (١)، وكان عظيم الجاه رفيع القدر، فسأله عن مسئلة فأخطأ، ثم ثانية ثم ثالثة، فقام ابن زرزور قائما على قدميه، ثم كبَّر، وصلّى عليه، كما يصلّي على الموتى.
وقال: أنت أولى بأن يصلّى عليك من هذا الميت.
وقيل: إنه فعل ذلك بالقاضي سليمان بن عمران، فلمّا تغير عقله، وجد إليه سبيلا، فحجر عليه، ثم بعث إليه يوما يخيّره في تزويج امرأة أو شراء جارية، وفي أشياء من أسبابه،
فقال للرسول: يكون جوابي مشافهة، فأتاه.
فقال له: إن رسولك أتاني عنك فخيرني في كذا وكذا.
وقال: نعم.
قال: فما الذي تشاء؟
قال: أفأتكلم ولي الأمان؟
قال: نعم.
(١) كان من شيوخ العراقيين أي الحنفية، انظر ذيل رياض النفوس ٤٩٧.