صحبة قاضي القضاة المولى محمد بن يوسف المعروف بنهالي في سنة أربع عشرة وألف، ولما عزل القاضي المذكور عن قضاء "دمشق" أقام بها، وتأهل، وولي النظر على أوقاف الدرويشية، ودرس في المدرسة الجوزية، وأعطى نظارة النظار وتولية البيمارستان القيمري، وولي النيابة الكبرى، وقسمة المواريث مرات، وانحط مدة، فاستولى عليه الإقلال.
وحكي أنه في تلك المدة دعاه الرئيس الجليل محمد بن الطباخ أحد الكتاب، وكان مصاهره إلى بستان في يوم نوروز، وكان ممن حضر في الدعوة الإمام الهمام يوسف بن أبى الفتح، ووالده أبو الفتح المذكور، وكان أبو الفتح يعرف علم الزايرجا حق المعرفة، فأبرم عليه ولده في استخراج طالع صاحب الترجمة، فجمع أعدادًا، ثم ركبها.
وقال: قد طلع في طالعه منصب قريب جدًا، وقد وصل خبره إلى "دمشق"، فلم يمض إلا هنيئة، وإذا بشخص من جيران السكوتي دخل عليهم، وذكر أنه جاءه ساعي من "الروم"، فقام من وقته، وتوجه إلى بيته، فرأى الساعي ينتظره، وقد جاءه بأمر النيابة، ولما صار الفتحي المذكور أمام السلطان مراد نبّه حظّه من رقدته، فكان لا ينفك عن النيابة، ورأس بـ "دمشق"، وعظم شأنه، ومات العلامة عبد الرحمن العمادي، فوجهت الفتيا إليه، ودرس بالسليمانية، وإلى ذلك يشير أحمد بن شاهين في قصيدته، التي رثا بها العمادي، فقال:
يا مفتيًا طال السؤال لقبره … وجوابه متعذر الإمكان
وحكى والدي بل الله ثراه بوابل عفرانه أنه وقف على رسالة كتبها أولاد العمادي إلى مفتي "الروم"، يطلبون منه الفتيا، ويذكرون ما دهمهم من صاحب الترجمة، واستشهدوا ببيت المتنبي المشهور:
وفي النفس حاجات وفيك فطانة … سكوتي بيان عندها وكلام