للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: وقصة هذه الأبيات ذكرها ابن خلكان، وقال: إنه استعادها المأمون الصوت ثلاث مرات، وكان بحضرته اليزيدى، فقال له: يا يزيدي أيكون شيء أحسن مما نحن فيه، قال: قلت: نعم يا أمير المؤمنين، فقال: ما هو؟ فقلت: الشكر لمن خولك هذه النعم العظيمة الجليلة، فقال: أحسنت، وصدقت، ووصلني، وأمر بمائة ألف درهم يتصدق بها، فكأني أنظر إلى البدر، وقد أخرجت، والمال يفرق. انتهى. فلما قرئت أنشد النقيب صاحب الترجمة لنفسه مضمنا لمصراع هذا مقام المستجير العائذ، فقال:

نقل العذول بأنني أفنيت ما … أخفي الحفاظ من الغرام الواقذ

هبني اقترفت لما افترى فاغفره لي … هذا مقام المستجير العائذ

وأنشد أيضًا قوله:

نبذ الخليط مودتي حيث العدا … حولي يروعني بهجر النابذ

فسألته الرجعى وقلت دع القلى … هذا مقام المستجير العائذ

ثم أشار لأولاده ومن في مجلسه من أحفاده بأن يضمن كل منهم هذا المصراع، وينظم ما يناسبه على وجه الإتباع، وما قصده إلا سبر قرائحهم، واختبار سافلهم وراجحهم، فانتدب ولده الندب السيّد عبد الرحمن، فقال:

نبذ العهود مغاضبي فألم بي … في صورة الإشفاق طيف النابذ

فسألته أن لا يفوه بما جرى … فيحيله عني بقول نافذ

فمضى ونم على فيما قلته … فأتى يهددني بسيف شاحذ

رحماك قد صدق الخيال وإنما … هذا مقام المستجير العائذ

ثم تلا تلوه السيّد عبد الكريم، فقال:

هب قادني فيك الغرام فما الذي … ألجاك تعذبي بهجر واقذ

أضراعتي أم ما افترته عواذلي … عني إليك من الكلام النافذ

رحماك بي لا ترع غير مودتي … وحفاظ ودي لا تكن بالنابذ

فلديك منك بك استعذت وإنه … هذا مقام المستجير العائذ

<<  <  ج: ص:  >  >>