وَكَانَ اشْتِغَاله بِالْعبَادَة أَكثر من اشْتِغَاله بِالْعلمِ، ادّعى الْفضل فِي يَوْم من الأيام على السَّيِّد الصحريف عِنْد السُّلْطَان لمحمَّد خَان، فثقل ذَلِك الكَلَام عَلَيْهِ، ودعا خواجه زَاده، وَهُوَ وقتئذكَانَ مدرسا بِمَدِينَة "بروسا" فِي مدرسة السُّلْطَان محمَّد خَان، وَأمره بالبحث مَعَ الْمولى زيرك، وَكَانَ للْمولى خواجه زَاده سُؤال على برهَان التَّوْحِيد، فأرسله إلى الْمولى زيرك، ليكتب جَوَابا عَنهُ، فَلَمَّا كتب جَوَابه حضرا عِنْد السُّلْطَان محمَّد خَان، وَالحْكم بَينهمَا الْمولى خسرو، والوزير مَحْمُود باشا قَائِم على قَدَمَيْهِ.
فشرع الْمولى خواجه زَاده فِي الْكَلَام أولا، فَقَالَ فَليعلم السُّلْطَان أنه لَا يلْزم من الإنكار على الْبُرْهَان الإنكار على الْمُدَّعِي، وَإنِّي أخاف أن يَقُول النَّاس: إن خواجه زَاده أنكر التَّوْحِيد، ثمَّ قرر سُؤَاله، وَأجَاب عَنهُ الْمولى زيرك، وَجرى بَينهمَا مبَاحث عَظِيمَة، كلمات كَثِيرة، وَلم ينْفَصل الأمر فِي ذَلِك الْيَوْم، حَتَّى استمرت المباحثة إلى سَبْعَة أيام.
وَأمر السُّلْطَان محمَّد خَان فِي الْيَوْم السَّادِس أن يطالع كلّ مِنْهُمَا مَا حَرَّره صَاحبه، فَقَالَ الْمولى زيرك لَيْس عِنْدِي نُسْخَة غير هَذِه، فَقَالَ الْمولى خواجه زَاده: عِنْدِي نُسخَة أخرى، وَأعْطِي هَذِه إليه، وآخذ مَا حَرَّره، وأكتب مَا حَرَّره على ظهر نُسْخَتي، فَأخْرج الْوَزير مَحْمُود باشا من وَسطه دَوَاة، وَوَضعه عِنْد خواجه زَاده، فشرع هُوَ فِي الْكِتَابَة، فَقَالَ السُّلْطَان تلطفا بِهِ: أيها الْمولى لَا تكْتب كَلَامه غَلطا، قَالَ: وَلَو كتبت غَلطا لَا يكون ذَلِك الْغَلَط أَكثر من غلطه، فَضَحِك السُّلْطَان من هَذَا الْكَلَام.