ثمَّ توفيّ الشَّيْخ، وَذهب بعده إلى بَلْدَة "أرزنجان"، وَصَاحبْ هُنَاكَ مَعَ الْمولى بيري، ثمَّ قصد أن يذهب إلى بِلَاد "شرْوَان" للوصول إلى خدمَة السَّيِّد يحيي، وَلما انْفَصل عَن "أرزنجان" مَسَافَة يَوْمَيْنِ اسْتمع وَفَاة السَّيِّد يحيي، وَرجع إلى "أرزنجان"، ولازم خدمَة الْمولى بيري، وأرسله هُوَ إلى بلاد الروم إرشاد الْفُقَرَاء. حُكيَ أن الْوَزير مُحَمَّد باشا القراماني كَانَ وزيرا للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان، وَكَانَ يمِيل إلى السُّلْطَان جم، وَينْقص السُّلْطَان بايزيدخان عِنْد وَالِده، فتضرع السُّلْطَان بايزيدخان إلى الشَّيْخ جلبي خَليفَة، فاستعفى عَن ذَلِك، فَزَاد السُّلْطَان بايزيدخان فِي التضرع، فَتوجّه إليه، فَرَأى أولياء "قرامان" فِي جَانب السُّلْطَان جم، فقصدهم الشَّيْخ الْمَزْبُور، فَرَمَوْهُ بِنَار، وأخطأته، وأصابت بنته، وَبعد أَيَّام مَرضت الْبِنْيت، وَمَاتَيتْ، فتضرع إليه السُّلْطَان بايزيدخان، وأبرم عَلَيْهِ، فَتوجّه ثَانِيًا، وَحضر أَوْلِيَاء "قرامان"، فَقَالُوا لَهُ: مَاذَا تُرِيدُ؟ فَقَالَ: إن هَذَا الرجل، وَأَرَادَ الْوَزير مُحَمَّد باشا القراماني قد أبطل أوقاف الْمُسلمين، وضبطها لبيت المال، ففرغ الْكل عَن الانْتِصَار لَهُ، وَمَا بَقِى إلا الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء، ورأيته قد رسم حول الْوَزير الْمَذْكُور دَائِرَة، قَالَ: فَدخلت الدائرة بِجهْد عَظِيم، وسيظهر الأثر بعد ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا.
حكى بعض أقربائه عَنهُ أنه حصلت لي فِي أثناء ذَلِك التَّوَجُّه غيرَة عَظِيمَة، حَتَّى رُوِيَ أنه وصلت النكبة فِي تِلْكَ الْمدَّة إلى كلّ من يُسمى بِمُحَمد، قَالَ الرَّاوِي: وأنا أسمى بِمُحَمد، وَعند ذَلِك كنت صَبيا، فَصَعدت على شَجَرَة، فانكسر غصنها، فَوَقَعت، وشجّ رَأْسِتي، وَعند ذَلِك كُنَّا فِي بَلْدَة "أماسيه" فعدوا فِيهَا، أربعين رجلًا، اسْمه مُحَمَّد، قد وصلت النكبة إلى كلّ مِنْهُم.