وأخذ عن جمع بها، وولي إفتاء بلدة "الموصل"، ورجع إليها، وأقام بها يشتغل بإقراء العلوم، وتخرج به جماعة، وكانت المسائل المشكلة ترد عليه، فيجيب عنها بأحسن جواب، وأتقن خطاب.
وكان عارفًا بالعربية والفارسية والتركية، وله تصانيف، منها:"حاشية على التلويح"، و"حاشية على البيضاوي"، ونظم حسن، وكان سهلًا ذا دين متين، وتقوى ويقين، صادق اللهجة، مواظبًا على السنن النبوية، والنوافل الشرعية، حسن السمت، رقيق القلب، كامل العقل، معتقدًا للسادة الصوفية، وحج في سنة إحدى وثمانين وألف، وأخذ عنه جماعة بالحرمين، منهم: صاحبنا الفاضل الأديب والكامل الأريب الشيخ مصطفى ابن فتح، وطلب منه أن يجيزه، فأجابه بديهة بقوله:
إني أجزت المصطفى الفتحي بما … أرويه عن أشياخ أهل الموصل
ومحقق أهل العراق وجلق … والروم والشهباء أكرم منزل
وبكل ما ألفته ونظمته … ونقلته عن كلّ عذب المنهل
وبما يطول إذا ذكرت جميعه … بل بعضه فكفايتي بالأفضل
أعني البخاري الصحيح ومسلمًا … وبقية الست الشهيرة فأنقل
عن شيخنا العرضى وهو أبو الوفا … عن عالم الشهبا الإمام الأفضل
عمر أبيه عن أبيه ذي التقى … عبد الوهَّاب عن الشيخ الولي
زكرينا عن حافظ الدنيا شهاب … أحمد بن سيدنا علي
العسقلاني الحافظ الحبر الذي … ينهى إليه كلّ ذي سند على
وجميع ما يرويه في فهرسته … أطلبه فيه تجده ثمة وادع لي
ولما رجع من الحج توفي بـ"حلب"، ودفن بها، وكانت وفاته في سنة اثنتين وثمانين وألف عن ثلاث وثمانين سنة تقريبًا.