وَأما تصانيفه فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة فَلا تحصى بِحَيْث أني سَألته أن يُسَمّي لي جَمِيعها لأكتبها فِي تَرْجَمته، فَقالَ: أقدر على ذَلك، قالَ: ولي مؤلفات كَثيرَة نسيتهَا، فَلَا أعرف الآن أسماءها، وأكثرها مختصرات، وأجلّها وأنفعها على الإطلاق "شرح قواعد الإعراب"، وَ"شرح كلمتي الشَّهَادَة"، وَله مُخْتَصر فِي عُلوم الحديث، ومختصر فِي عُلُوم التَّفْسِير، مُسَمّى بـ"التيسير"، قدر ثلَاث كراريس.
وَكانَ يَقول: إنه اخترع هذا الْعلم، وَلم يسبق إليه، وَذَلكَ لَأن الشَّيْخ لم يقف على الْبُرْهان للزركشي، وَلَا على مواقع الْعُلُوم للجلال البُلْقِينيّ.
وَكَانَ صَحِيح العقيدة فِي الديانات، حسن الاعْتِقَاد فِي الصُّوفِيَّة، محبا لأهل الحَدِيث، كَارِهًا لأهل الْبدع، كثير التَّعَبُّد على كبر سنه، كثير الصَّدَقَة والبذل، لَا يبقي على شَيْء، سليم الْفطْرَة، صافي الْقلب، كثير الاحْتِمال لأعدائه، صبورا على الأذى، وَاسع الْعلم، قد لازمته أرْبَعْ عشرَة سنة، فَمَا جئْته من مرّة إلا وَسمعت مِنْهُ من التحقيقات والعجائب ما لم أسْمَعْهُ قبل ذَلِك.
قَالَ لي يَوْمًا: مَا إعراب زيد قَائِم؟
فَقلت: قد صرنا فِي مقَام الصغار، نسأَل عَن هَذَا.
فَقَالَ لي: فِي زيد قَائِم مائَة وَثَلَاثة عشر بحثا.
فَقلت: لَا أقوم من هَذَا الْمجْلس حَتَّى أستفيدها، فَأخرج لي تذكرتها، فكتبتها مِنْهُ.
توفّي الشَّيْخ شَهِيدا بالاشهاد لَيْلَة الجمعَة، رَابِع جُمَادَى الأولى سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة.