وله شعر، أعدّه من هدايا الزمان، ولا أحسبه إلا من مفصلات الجمان والبهرمان، ومن شعره قوله:
إن الذين تقدّموا لم يتركوا … معنى به يتقدّم المتأخر
قد أنتجوا أبكار أفكار لهم … عقم المعاني مثلها متعذر
فإذا انصببنا من حبال تخيل … شركًا به معنى نصيد ونظفر
عصفت سموم هموم فكر قطعت … تلك الحبال وفرّ منها الخاطر
والدهر أخرس كل ذي لسن فلو … سحبان كلف منطقًا لا يقدر
والشعر في سوق البلاغة كاسد … فترى البليغ كجاهل لا يشعر
والفضل أقفر ربعه لكنه … بوجود مولانا الأمين معمر
علامة الدنيا وواحد دهره … وأجلّ أهل العصر قدرًا يذكر
ملك العلوم له جيوش بلاغة … وفصاحة فبهم يعز وينصر
تخذ الفهوم دعية منقادة … تأتيه طائعة بما هو يأمر
يقظ يكاد يحيط علمًا بالذي … تجري به الأقدار حين يقدّر
ما زال يملأ من لآليء لفظه … أصداف آذان لنا ويقرّر
تالله ما رشف الرضاب لراشف … من ثغر ذي شنب حكاه الجوهر
أحلى وأعذب من كؤوس حديثه … تملى وتشر بها العقول فتكسر
فاق الذين تقدّموه بسبقهم … وبه الأواخر تزدهي بل تفخر
بالسؤل يمنح قبل تسآل فإن … سبق السؤال عطاؤه يتعذر
لو أن أيسر جوده قدما سرى … في الكون لم يبق وحقك معسر
قد أبدع الرحمن صورة خلقه … ليرى جميل الصنع فيه المبصر
وجه كأن الشمس بعض بهائه … ما زال يحسده عليه النير
مولاي عجزي عن مديحك ظاهر … والعذر عن إدراك وصفك أظهر
من لي بأن أهديك نظمًا فاخرًا … أسمو به بين الأنام وأفخر
هبني أنظم كالعقود لآلئًا … أفديك هل يهدي لبحر جوهر