للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الإسحاقية ببلدة "أسكوب"، ثمَّ صَار مدرّسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بـ "أدرنه"، ثمَّ نَصبه السُّلْطَان بايزيد خَان معلما لِابْنِهِ السُّلْطَان سليم خَان، وَلم يدم على ذَلِك لاشتغاله بِالسَّفرِ، وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان بايزيد خَان الْمدرسَة الحسينية بـ "أماسيه"، ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية "بروسه"، ثمَّ صَار مدرسا بإحدى الْمدَارِس الثمان، ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة "حلب" بِأَمْر السُّلْطَان سليم خَان.

وَكَانَ قد أوصى إليه وَالِده الْمولى خَلِيل أن لَا يصير قَاضِيا، فَذهب إلى "حلب" امتثالا للأمر الشريف، ثمَّ عرض وَصِيَّة وَالِده على السُّلْطَان سليم خَان، فاستعفى عَن الْقَضَاء، وأعطي مدرسته السَّابِقَة من الْمدَارِس الثمان، ثمَّ صَار ثَانِيًا مدرسا بسلطانية "بروسه"، وَعين لَهُ كل يَؤم سَبْعُونَ درهما، وأعطي مدرسته الْمولى حسام جلبي.

وَلما مَاتَ حسام جلبي فِي أوائل سلطنة سلطاننا الأعظم أعيد الْمولى المرحوم إلى الْمدرسَة الْمَذْكُورَة، وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما، ثمَّ زيدت وظيفته، فَصَارَت تسعين درهما.

وَمَات مدرسا بهَا فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة.

كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى زاهدا، عابدا، صَالحا، ورعا، صَاحب أدب ووقار، مشتغلا بِنَفسِهِ، معرضًا عَن أَحْوَال الدُّنْيَا، صارفا أوقاته فِيمَا يهمه ويعنيه، ومتجنبا عَن اللَّغْو وَاللَّهْو، وَلم نسْمع مِنْهُ مَعَ طول صحبتنا مَعَ كلمة فِيهَا رَائِحَة الْكَذِب أصلا، وَلَا كلمة فحش.

وَكَانَ طَاهِر الظَّاهِر وَالْبَاطِن، خاضعا، خَاشِعًا، محبا للصلحاء والفقراء، وَكَانَ لَهُ معرفَةَ تَامَّة بالتفسير والْحَدِيث وأصول الْفِقْه والعلوم الأدبية بأنواعها، وقلما يَقع التفاته إلى الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة، مَعَ مشاركته للنَّاس فِيهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>