يزين الصفحات الغرر كما تزين الحياة بالطرر والعيون بالحور والخدود بالعذار الأخضر، وله عين صادية، وريقة مسكية، وذابل عامل، وعامل ذابل، تلقاه إن بان عذاره، بدت أعذاره، يحجل بالأدهم، فيريك انسلال الأرقم، فإذا استقبل مهب الهوى، أقلع عما إليه هوى، وإذا ضرب على قرنه، ومات أحيا العظام الرفات، يتولى تقاليد الملوك، مع أنه فقير صعلوك، ويطبع الأشكال على منوال وغير منوال، لم يزل من تكليم موسى على وجل، ومن إلقاء الواحد في خجل.
وله المنشآت المشحونة بالبدائع، التي ذكرها شائع ذائع، فلو أقسم أنه من القرآن لما حنث في الأيمان، فإذا اشتدّ القر وتجهم وجه العبد والحر، وأنشد:
أصبح البرد شديدًا فاعلمي … بات زيد ساهرًا لم ينم
تحامى عن اللمس، أو أن يشار إليه بالأنامل الخمس، مع سلبه الاختيار، ما دام الفلك الدوّار، فطالما قال وهو يقدم رجلًا، ويؤخر أخرى، أما وأسطار سطرن سطرًا أنف في الماء، واست في السماء، إذا تذكرته أقبل عليك، وقبل بالخضوع راحتيك، وإذا أغضيت عنه قلاك، ونسي ما هناك، وادعى العجز عن النهوض عن القيام بالسنن والفروض، يقبل الرشوى، وليس هو من أمة الدعوى، إذا سرى دبّ دبيب الكرى، ربته الأيدي، حتى مهر، وأتى بما به بهر، فأصمت به مواقع أغراضها، وذبت بشباته عن أعراضها، فإذا ارتفع انتصب، وإذا انتصب ارتفع، وإذا طال وصف القلم، والله بذلك أعلم، وصلى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وللمترجم في الهجو: