وكَانَ رَحمَه الله يَقُول: مَا ذكرت عِنْده مسئلة من الْفُنُون الأدبية والعقلية والعلوم الشَّرْعِيَّة الأصلية والفرعية إلا وَهِي فِي حفظه بألفاظها وعباراتها، حَتَّى أنه كَانَ يعرف اخْتِلَاف النسخ أيضا.
قَالَ: وَغَضب يَوْمًا على بعض الطّلبَة لعناده فِي مسئلة، وَقَالَ: مَا من مسئلة من "كتاب الْمَقْصُود" فِي الصّرْف إلى "الْكَشَّاف" للزمخشري إلا وَهِي فِي خاطري، وَمَا ذكرته من المسئلة غير مَذْكُور فِي كتاب أصلا، قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى وَكَلَامه هَذَا حق صَادِق، لَا ريب فِيهِ أصلا.
وَكَانَ مدرسا بمدرسة مناستر بـ "بروسه"، فأعطاه السُّلْطَان محمد خان الْمدرسَة الجديدة بـ "أدرنه"، وانحلت فِي ذَلِك الْيَوْم مدرسة من الْمدَارِس الثمان، قَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان: أعطيها للْمولى مصلح الدّين، فَلَا أَحَق مِنْهُ بِتِلْكَ الْمدرسَة.
قَالَ الْوَزير: أعطيتموه الْيَوْم مدرسة بـ "أدرنه"، قَالَ: لَا بَأْس هُوَ مُسْتَحق لذَلِك، وَلما جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة أعطاه مدرسته الأولى، وَهِي مدرسة مناستر، ثمَّ أعطاه مدرسته الثَّانِيَة بـ "أدرنه".
وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا، كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى خَفِيف اللِّحْيَة، أحمر اللَّوْن، عَظِيم الجثة جدا، حَتَّى كَانَ لَا يحملهُ إلا فرس قوي غَايَة الْقُوَّة.
وَكَانَ إذا لم يحضر وَاحِد من طلبته مَوضِع الدَّرْس يذهب إلى حجرته بعد الدَّرْس، فإن كَانَ مَرِيضا يعودهُ وإلا فيوبخه غَايَة التوبيخ، ويهدّده تهديدا عَظِيما.
قَالَ عمّي رَحمَه الله تَعَالَى: أَتَى خَالِي من بَلْدَة "قسطموني" إلى مَدِينَة "أدرنه"، فأردنا ضيافته فِي بعض الْبَسَاتِين فِي يَوْم من أيام الدَّرْس، فاستأذنت الْمولى الْمَذْكُور فِي ذَلِك، فَغَضب عَليّ، وَقَالَ: جعلت ذَلِك مَانِعا عَن