للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكره صاحب "الشقائق النعمانية" في كتابه، وقال: قَرَأَ على عُلَمَاء "الرّوم"، ثمَّ وصل إلى خدمَة الْمولى الْفَاضِل حضر بك، نوّر الله مرقده.

كَانَ الْمولى خواجه زَاده وَالْمولى الخيالي وقتئذ معيدين لدرسه، ثمَّ صَار مدرّسا بقصبة "مدرني"، ثمَّ انْتقل إلى مدرسة ديمه توقه، ثمَّ لما بنى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمدَارِس الثمان أعطاه وَاحِدَة مِنْهَا.

كَانَ رَحمَه اللهْ تَعَالَى لَا يفتر من الِاشْتِغَال والدرس، وَكَانَ يَدعِي أنه لَو أعطي الْمدَارِس الثمان كلّهَا لقدر أن يدرّس كل يَوْم فِي كل مِنْهَا ثَلَاثَة دروس، ثمَّ استقضي بِكُل من الْبِلَاد الثَّلَاث ثَلَاث مَرَّات، وَهِي مَدِينَة "بروسه" ومدينة "أدرنه"، ومدينة "قسطنطينية".

ثمَّ جعله السُّلْطَان مُحمَّد خَان فِي أَوَاخِر سلطنته قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور، وَكَانَ قَاضِي الْعَسْكَر إلى ذَلِك الزَّمَان وَاحِدًا، وَكَانَ الْوَزير وقتئذ مُحَمَّد باشا الفراماني، فخاف من الْمولى الْقُسْطَلَانيّ، لأنه كَانَ لَا يُدَارِي النَّاس، وَيتَكَلَّم بِالْحَقِّ على كل حَال، فَعرض على السُّلْطَان مُحَمَّد خَان، وَقَالَ: إن الوزراء أيدهم الله تَعَالَى أربعة، وَلَو كَانَ قَاضِي الْعَسْكَر اثْنَيْنِ أحدهما فِي "روم إيلي"، والآخر فِي "أناطولي يكون أسهل فِي إتمام مصَالح الْمُسلمين، وَيكون زِينَة للديوان العالي، فَمَال السُّلْطَان مُحَمَّد جَان إلى رأيه، فَجعل الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ قَاضِي عَسْكَر "روم إيلي"، وَجعل الْمولى ابْن الْحَاج حسن قَاضِي عَسْكَر أناطولي، وَهُوَ كَانَ وقتئذ قَاضِيا بـ "قسطنطينية"، فَلم يقبل الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ، وَلم يرض بالمشاركة، وَأرْسل إليه الْوَزير الْمَزْبُور لَان يلين قلبه، فَلم يفد.

ثمَّ قَالَ الْوَزير: إني أذْهَبْ إليه بنفسي، فنصحوا للْمولى الْقُسْطَلَانِيّ، وَقَالُوا: إنه إذا جَاءَ إليك يرضيك الْبَتَّةَ، وَلَكِن لَا تأمن بعد ذَلِك من شَره، فَذهب إليه، وأرضاه بلين الْكَلَام، كَمَا قَالُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>