مِنْهَا غرائب لم تسمعها الآذان، وَتارَة تكلم فِي القصائد الْعَرَبيّة، وَسمعت فِيهَا غرائب لم تسمعها الآذان.
قَالَ: وشاهدت تبحّرة فِي كل الْعُلُوم جلائلها ودقائقها، قَالَ: وَقَالَ هُوَ فِي أثناء الْكَلَام: إن هَذَا وأشار إلى المعجون، حَال بيني وَبَين معلوماتي، قَالَ: قلت: حالك الآن هَذَا، فَمَا حالك قبل هَذَا؟
وَحكى لي ثِقَة عَن الْمولى لطفي التوقاتي أنه قَالَ: كنت من طلبة الْمولى سِنَان باشا، وَكَانَ هُوَ وزيرا وقتئذ، وَكَانَ من عَادَته إحضار الْعلمَاء ليَالِي العطلة، وإحضار الأطعمة اللطيفة، فَاجْتمعُوا عِنْده لَيْلَة فيهم الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ، وَالْمولى خواجه زَاده، وَالْمولى خطيب زَاده، وَكَانُوا مشتغلين بالصحبة والمحادثة، وَكَانَ عِنْدِي رَفِيق لي، كنت أتحدث مَعَه سرا، قَالَ: وَقلت لَهُ فِي أثناء الْكَلَام: مَرضت أنا فِىِ زمَان، فتعرقت بِالدَّمِ، حَتَّى أنصبغ مِنْهُ قَمِيصِي، فَضَحِك رفيقي، فَتنبه الْعلمَاء، وَقَالُوا لَهُ: لم ضحِكت، قَالَ: إن الْمولى لطفى يَقُول كَذَا وَكَذَا، فَضَحكت مِنْهُ، وضحكت الْعلمَاء أيضا من قولي، قَالَ الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ: من أَيّ شَىْء تضحكون؟ هَذَا مرض فلاني، يذكرهُ ابْن سينا فِي الْفَصْل الْفُلَانِيّ من "كتاب القانون".
قَالَ الْمولى خواجه زَاده للْمولى الْقُسْطَلَانِيّ: طالعت "القانون" بِتَمَامِهِ، قَالَ: نعم، بل وَجَمِيع مصنفات ابْن سينا، حَتَّى طالعت "كتاب الشِّفَاء" بِتَمَامِهِ، ثمَّ قَالَ الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ للْمولى خواجه زَاده: أنت طالعت "كتاب الشِّفَاء" بِتَمَامِهِ؟ قَالَ: لَا، وَإِنَّمَا طالعت مَوَاضِع احتجت إليها، قَالَ الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ: إني طالعته بِتَمَامِهِ سبع مَرَّات، وَالسَّابِع مثل مطالعة التلميذ أول درسه عِنْد مدرس جَدِيد، فتعجب الْحَاضِرُونَ من إحاطته بالعلوم، وشمول مطالعته جَمِيع الْكتب.
وَكَانَ الْمولى خواجه زَاده إِذا ذكره يُصَرح بِلَفْظ الْمولى دون من عداهُ من أقرانه، وَكَانَ يَقُول: إنه قَادر على حل جَمِيع المشكلات، وعَلى إحاطة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute