للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكاملي، وعلى والده العالم الصالح الشيخ علي الكاملي، وعلى والده الشيخ أسعد المحاسني، والشيخ إلياس الكردي، وغير هؤلاء من أقرانهم، ومهر بالعلوم، وأحرز منطوقها، والمفهوم، وتصدّى للإقراء والدروس، ولازمته الطلبة، واشتهر فضله ونبله.

وكان يقرأ في الجامع الأموي صبيحة غالب الجمعة بالقرب من الحَصور عليه السلام حذاء المقصورة، ويوم السبت يقرئ في المدرسة الفتحية في البخاري، ويوم الاثنين في العمرية بالصالحية، وكان في عنفوان شبابه ذهب للديار الرومية إلى "قسطنطينية": فلم يبلغ أمانيه، بل شتمه بعض الجهال، فأداه ذلك إلى اختلال عقله وحجاه، وعاد إلى وطنه في هذه الحالة.

ثم ظهرت فيه بعد صدور ذلك لكنة في لسانه، وكان شيخه الشيخ إلياس نهاه عن الذهاب، وقال له المقصود يحصل في هذه الدار، وكان مع ذلك عجيب التقرير، لم ير نظيره في الانتقالات عند الدرس إلى علوم شتى، وقد كان بذلك فريد عصره وأقرانه، وأعطي رتبة الخارج المتعارفة بين الموالي، ونظم متن "التنوير" في الفقه، ثم شرحه، ونظم أيضًا متن "التلخيص" في المعاني، ثم شرحه، وكلا الكتابين مفيدان.

وبعد أن قدم من "الروم" حصلت له معيشة جزئية، وكان إذا جلس لديه غلام لا ينظر إليه، ولا يقرئه زهدًا منه، وكان يقرأ بين العشاءين "الجامع الصغير"، وكان ينظم الشعر، فمن ذلك ما قاله مجيبًا الشيخ سعدي العمري على أبيات، أرسلها إليه بقوله:

حلت محل سواد العين والخور … هيفاء تلعب بالألباب والفكر

ذات الوشاح التي أضحت فرائده … ما قد حوى ثغرها من خالص الدرر

وغازلتنا فعدنا من لطائفها … نجني معارف حاكت يانع الثمر

<<  <  ج: ص:  >  >>