ثم اشتغل بالعلم على والده، وتخرَّج عليه، ثم تصدّر للتدريس، فدرّس، وأفاد مدة من الزمان ببلدته.
ثم سافر إلى الحرمين الشريفين، فحجَّ، وزارَ، وأسند الحديث عن السيّد أحمد بن زين دحلان الشافعي المكّي، ومن في طبقته من المحدّثين.
ثم رجع إلى "الهند"، واعتزل في بيته مفيدا، مدرّسا، قرأت عليه "هداية الفقه"، و"السراجية"، و"شرح العقائد" للدوَّاني، و"نخبة الفكر"، وسمعت عنه "المسلسل بالأولية"، وأجازني بمقروءاته ومسموعاته.
وكان عالما كبيرا، فقيها، أصوليا، متكلّما، ناصحا، مفيدا، مع البر، والدين، والتودّد، والتواضع، والحلم والأناة، والاستقامة.
وله أتم خبرة بأحوال الناس، وما يليق لكل أحد منهم، وما يناسبه، وما لا يناسبه، ومجالسته هي نزهة الأذهان والعقول بما لديه من الأخبار، التي تنشف الأسماع.
وكان غاية في الزهد والقناعة، والتوكّل على الله، والتبتّل إليه، والتسليم، والرضا والصبر ذا سخاء وإيثار، يطعم الأضياف، ويعيش طلقا، ذا بشاشة للناس، لم يطلع أحد قط على فقره وفاقته، وكان يقنع بقدر يسير، يصل إليه من ولاة "رامبور".
وكان لا يقبل النذور، والفتوحات من عامة الناس، لا سيّما عن مريديه، وإنه ردّ ما يبلغ ثمنه خمسا وعشرين ألفا من النقود الفضية الإنكليزية، عرضتْها عليه فضلو بيغم، وأمرها أن يصرفها في الخيرات، لوجه شبهة في تلك الأموال، وكان حريصا على جمع الكتب النفيسة، يقبل هدايا الكتب، وإنه
الدين، وولده بحر العلوم، وخلق كثير من العلماء، وكانت بها مدرسة للشيخ بير محمد.