وقيل: إن وكيعا وصل إنسانا مرة بصرة دنانير؛ لكونه كتب من محبرة ذلك الإنسان، وقال: اعذر، فلا أملك غيرها.
علي بن خشرم: سمعت وكيعا يقول: لا يكمل الرجل حتى يكتب عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه.
وعن مليح بن وكيع، قال: لما نزل بأبي الموت، أخرج يديه، فقال: يا بني! ترى يدي ما ضربت بهما شيئا قط.
قال مليح: فحدثت بهذا داود بن يحيى بن يمان، فقال:
رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في النوم، فقلت: يا رسول الله! من الأبدال؟
قال: الذين لا يضربون بأيديهم شيئا، وإن وكيعا منهم.
قلت: بل الذي يضرب بيده في سبيل الله أشرف وأفضل.
محنة وكيع -وهي غريبة- تورط فيها، ولم يرد إلا خيرا، ولكن فاتته سكتة، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع، فليتق عبد ربه، ولا يخافن إلا ذنبه). قال علي بن خشرم: حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله البهي: أن أبا بكر الصديق جاء إلى النبي -صلى الله علية وسلم- بعد وفاته، فأكب عليه، فقبله، وقال: بأبي وأمي، ما أطيب حياتك وميتتك.
ثم قال البهي: وكان ترك يوما وليلة، حتى ربا بطنه، وانثنت خنصراه.
قال ابن خشرم: فلما حدث وكيع بهذا بمكة، اجتمعت قريش، وأرادوا صلب وكيع، ونصبوا خشبة لصلبه، فجاء سفيان بن عيينة، فقال لهم: الله الله، هذا فقيه أهل العراق، وابن فقيهه، وهذا حديث معروف.