ومات أبوه وله من العمر ثمانيةٌ وعشرون شهرًا، وقيل شهران، وقيل: سبع، وقيل: وهو حَمْل، كفله جَدُّه عبد المطلب، ثم توفي عبد المطلب وله صلى الله عليه وسلم من العمر إذ ذاك ثمان سنين وشهران وعشرة أيام، فكفله عمُّه أَبو طالب.
وماتت أمه آمنة، وهو ابن أربع سنين، وقيل: ست.
وأرضعتْه حَليمة السعدية، وثويبة الأسلمية، وحضنتْه أم أيمن.
ولما بلغ اثنتي عشرة سنة وشهرين وعشرة أيام، خرج مع عمِّه أَبي طالب إلى "الشام"، فلما بلغ "بُصرى" رآه بحيرى الراهب، فعرفه بصفته، فجاءهُ، وأخذ بيده، وقال: هذا رسول ربِّ العالمين، يبعثه الله رحمة للعالمين، إنكم حين أقبلتم من العقبة لم يبق حجرٌ ولا شجر إلا خَرَّ ساجدًا، ولا يسجد إلا لنبي، وإنا نجده في كُتبنا.
وقال لأبي طالب: لئن قدمت به إلى "الشام" لتقتله اليهود، فرده خوفًا عليه منهم.
ثم خرج مرة ثانية إلى "الشام"، مع ميسرة غلام خديجة بنت خويلد، في تجارة لها قبل أن يتزوّجها، فلما قدم "الشام"، نزل تحت ظل شجرة قريبًا من صومعة راهب، فقال الراهب: ما تىل تحت ظلّ هذه الشجرة إلا نبي.
وكان ميسرة يقول: إذا كان الهاجرة، واشتدّ الحر، نزل ملكان يُظلانه.
ولما رجع من سفره تزوَّج خديجة بنت خويلد، وعمره خمس وعشرون سنة وشهران وعشرة أيام، وقيل: غير ذلك.
ولما بَلغ خمسًا وثلاثين سنة شهد بنيان الكعبة، ووضع الحجر الأسود بيده.