عليه وسلم، يقول:"لما كذبني قريش قُمت إلى الحجر الأسود، فجلا الله لي بيت المقدس، فطفقت أُخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه".
وقد اختلف الناس في كيفية الإسراء، فالأكثرون من طوائف المسلمين متفقون على أنه يجسده صلى الله عليه وسلم، والأقلّون قالوا: بروحه.
حكى الطبري في (تفسيره) عن حذيفة، أنه قال: كل ذلك رؤيا، وحكي هذا القول أيضًا عن عائشة، وعن معاوية رضي الله تعالى عنهما.
ومنهم من قال: يجسده إلى "بيت المقدس"، ومن هناك إلى السموات السبع بروحه.
قال الصلاح الصفدي، بعد أن نقل ما ذكرناه من الأقوال، قلت: والصحيح الأول؛ لأنه قد صح أن قريشًا كذبته، ولو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت رؤيا، لما كُذِّب، ولا أنكر ذلك على غيره، فضلًا عنه؛ لأن آحاد الناس يرون في منامهم أنهم ارتقوا إلى السموات، وما ذلك ببدع.
قال: أنشدني لنفسه الشيخ الإمام شهاب الدين أبو الثناء محمود بن سلمان بن فهد الحلبي الكاتب رحمه الله تعالى قراءة مني عليه، من جملة قصيدة طويلة، من جُملة مُجلدة فيها مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
أُسْرى إلى الأقْصَى بجسمِكَ يَقْظةً … لا في المنام فَيقبلُ التَّأويلَا
إذ أنْكرتْه قريشُ قبل ولم تكنْ … لِترَى المهُولَ من المنامِ مَهُولا
ولما بلغ صلى الله عليه وسلم ثلاثًا وخمسين سنة هاجر إلى "المدينة"، ومعه أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، ومولى أبي بكر عامر بن فُهيرة، ودليلهم عبد الله بن الأريقط الليثي.
قال الحافظ عبد الغني، وغيره: وهو كافر، ولم نعرف له إسلامًا.
فأقام بـ "المدينة" عشر سنين، وكان يُصلي إلى "بيت المقدس" مُدة إقامته بـ "مكة"، ولا يستدبر الكعبة، يجعلها بين يديه، وصلى إلى "بيت المقدس" بعد قدومه "المدينة" سبعة عشر شهرًا، أو ستة عشر شهرًا.