اشتغل، ودأب، وحصّل، وأخذ العلم عن جماعة كثيرة، من أجلهم: المولى العلامة محمد شاه، الآتي ذكره في محلّه إن شاء الله تعالى، وكان معيدًا له، وملازمًا منه.
وصار مدرّسًا بعدّة مدارس، منها: مدرسة بناها المرحوم محمد باشا، باسم صاحب الترجمة، وهي معروفة فيما بين "قسطنطينية" ومدينة "أردنة"، وهو أوّل من درّس بها، ومنها إحدى الثمان، و"مدرسة أيا صوفية"، ومدرسة المرحومة والدة السلطان مراد خان، أدام الله أيامه، بمدينة "أسكدار"، حميت عن البوار.
وألقى بالمدرسة المذكورة درسًا عامًا، حضره غالب أفاضل الديار الرومية وعلمائها، وتكلّم في تفسير سورة الأنعام، على قوله تعالى:{وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} الآية، وكان درسًا حافلًا، لم يعهد في ذلك الزمان بالديار الرومية مثله، لأن المدرّسين في بلادهم لا يفعلون ذلك، وإنما يجلس المدرّس وحده في محلّ خال من الناس، ولا يدخل إليه إلا مَنْ يقرأ الدرس، وشركاؤه فيه، ولا يحضرهم أحد من غير تلامذة المدرّس.
وجرى في ذلك الدرس العام، من الأبحاث الرائقة، والفوائد الفائقة، ما حفظتْه الوعاة، وتناقلتْه الرواة.
ثم خلع عليه يوم الدرس المذكور ثلاث خلع، بعد أن أرسلت إليه المرحومة والدة السلطان، نصره الله تعالى، ألف دينار لأجل ضيافة مَنْ يحضر الدرس المذكور، ومدّ لهم سماط، احتوى على نفائس الأطعمة، وأخذوا منه رعاية له نحو خمسين ملازمًا، وما وقع ذلك لأحد غيره.