بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عنده أن جعلك آخر الأنبياء، وذكرك في أولهم، فقال تعالى:{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودون لو يكونوا أطاعوك، بين أطباقها يُعذبون، ويقولون:{يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا}.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إن كان موسى بن عمران عليه السَّلام، أعطاه الله حَجرًا تتفجر منه الأنهار، فماذا بأعجبَ من أصابعك حين نبع منها الماء صلى الله عليك وسلم.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لئن كان سُليمان بن داود أعطاه الله الريح غدوّها شهر ورواحها شهر، فما ذلك بأعجب من البُراق حين سرتَ عليه إلى السماء السابعة، ثم صليت الصبح بالأبطح، صلى الله عليك وسلم.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لئن كان عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، أعطاه الله تعالى إحياء الموتى، فما ذلك بأعجب من الشاة المسمومة حين كلمتْك، وهي مشوية، فقالت: لا تأكلني؛ فإني مسمومة.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد دعا نوح على قومه، فقال:{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}، ولو دَعوت علينا مثلها لهلكنا من عند آخرنا، فلقد وطئ ظهرك، وأدمي وجهك، وكسرت رباعيتك، فأبيت أن تقول إلا خيرًا، فقلت:"اللَّهُمَّ اغْفِر لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ".
بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد اتبعك في قلة سنّك، وقصر عمرك، ما لم يتبع نُوحًا في كبر سنّه، وطول عمره، فلقد آمن بك الكثير، وما آمن معه إلا القليل.