أما بيان وحدة الوجود على ما ذكره الشيخ الأكبر وأتباعه ووحدة الشهود على ما ذكره الشيخ أحمد والفرق بينهما فيلخّص ذلك من المكتوب المدني للشيخ ولي الله بن عبد الرحيم العمري الدهلوي، يتّضح لك ما قيل فيه:
اعلموا أن وحدة الوجود ووحدة الشهود لفظتان، تطلقان في موضعين، فتارة تستعملان في مباحث السير إلى الله عزّ وجلّ، فيقال: هذا السالك مقامه وحدة الوجود، وذلك مقامه وحدة الشهود، ومعنى وحدة الوجود ههنا الاستغراق في معرفة الحقيقة الجامعة، التي تعين العالم فيها بحيث تسقط عنه أحكام التفرقة والتمايز، التي معرفة الخير والشرّ مبنية عليها، والشرع والعقل مخبران عنها مبينان لها أتمّ بيان وأوفى إخبار، وهذا مقام يحلّ فيه بعض السالكين، حتى يخلصه الله تعالى منه، ومعنى وحدة الشهود: الجمع بين أحكام الجمع والتفرقة، فيعلم أن الأشياء واحدة بوجه من الوجوه، كثيرة مباينة بوجه آخر، وهذا المقام أتمّ وأرفع من الأول، وهذا الاصطلاح مأخوذ من بعض أتباع الشيخ آدم البنوري، قدّس سرّه.
ومما يدلّ على شدّة تمسّكه بالشريعة الغرّاء وغيرته عليها أشدّ الغيرة، واستنكافه عن كلّ ما عارضها من أقوال الصوفية وكلام المشايخ، ما جاء في رسالة له إلى معاصر كتب إليه أن الشيخ عبد الكبير اليمني، قال:
"إن الله عليم بالكلّيات فقط" فقال في الردّ عليه: "يا سيدي! إن هذا الفقير لا يكاد يحتمل سمع مثل هذا الكلام، إن عرقي الفاروقي يبض عند ذلك، سواء كان ذلك كلام عبد الكبير اليمني أو محى الدين ابن عربي، نحن في حاجة إلى محمد العربي لا ابن عربي، إن الفتوحات المدنية أغنتنا عن "الفتوحات المكّية"، عمدتنا النصّ، لا الفصّ.