وطلبه السلطان الملك الأشرف من "دمشق"، وولاه قضاء القضاة بـ "الديار المصرية"، فباشر قليلًا، ثم ترك، ورجع إلى "الشام".
وكان صارمًا مهيبا، نزهًا، قوالًا بالحق، لا يقبل لأحدٍ هدية، ولا يعمل برسالة أحدٍ من أهل الدولة، ولا يراعيهم، فكثرتْ عليه رسائلهم، فكره الإقامة بينهم، وسأل العزل مرّة بعد مرّة، وكان قامعًا لأهل الظلم، منصفًا للمظلوم، كثير النفع للناس.
وكانتْ مقاصده جميلة، وأموره مستقيمة، إلا أنه لم يجدْ من يعاونه.
وكان دَمِثَ الأخلاق، طارحًا للتكلّف، كثير البشر، جميل المحاضرة، متواضعًا.
وكان يباشر صرف الصدقات بنفسه، ما بين دراهم وخبز.
وصنّف "مختصرًا" في الفقه، وآخر في أصول الدين.
وذكر في "تاج التراجم"، أن المختصر المذكور في الفقه اختصره من "المختار"، وسمّاه "التحرير"، وعلّق عليه "شرحًا"، ولم يكمله.
قال ابن حجر: وصار كثير التبرّم بالوظيفة، فاتفق أن حصل للأشرف مرض، فعالجه الأطباء، فما أفاد، فلازمه الجلال جار الله، فاتفق أنه شفي على يده، فشكر له ذلك، ووعده بتولية القضاء، فبلغ ذلك شرف الدين، فعزل نفسه.