نزلت:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}، وبعثوا رسلهم يسيرون في العرب، يدعوهم إلى نصرهم، فأوعبوا، وتألب من كان معهم من العرب، وحضروا، فأجمعوا على إخراج الظعن، يعني النساء معهم ليذكرنهم قتلى بدر، فيحفظنهم، فيكون أحد لهم في القتال، وكتب العبَّاس بن عبد المطلب بخيرهم كلّه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن الربيع بكتاب العبَّاس، وأرجف المنافقون واليهود بـ "المدينة"، وخرجتْ قريش من "مكة"، ومعهم أبو عامر الفاسق، وكان يسمَّى قبل ذلك الراهب في خمسين رجلًا من قومه، وكان عددهم ثلاثة آلاف رجل، فيهم سبعمائة دارع، ومعهم مائتا فرس وثلاثة آلاف بعير، والظعن خمس عشرة امرأة، وشاع خبرهم ومسيرهم في الناس، حتى نزلوا "ذا الحليفة"، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عينين له: أنسا، ومؤنسا، ابني فضالة الظفريين، ليلة الخميس الخمس ليال مضين من شوَّال، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبرهم، وأنهم قد خلوا إبلهم، وخيلهم في الزرع الذي بالعريض، حتى تركوه ليس به خضراء، ثم بعث الحباب بن المنذر بن الجموح إليهم أيضًا، فدخل فيهم، فحزرهم، وجاءه بعلمهم، وبات سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وسعد بن عبادة في عدة ليلة الجمعة، عليهم السلاح في المسجد بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرست "المدينة"، حتى أصبحوا، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة كأنه في درع حصينة، وكأن سيفه ذا الفقار قد انفصم من عند ظبته، وكان بقرا تذبح، وكأنه مردف كبشا، فأخبر بها أصحابه، وأؤها، فقال: أما الدرع الحصينة فـ "المدينة"، وأما انفصام سيفي، فمصيبة في نفسي، وأما البقر المذبح، فقتل في أصحابي، وأما مردف كبشا، فكبش الكتيبة، يقتله الله إن شاء الله، فكان رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يخرج من "المدينة" لهذه الرؤيا، فأحبَّ أن يوافق على مثل رأيه، فاستشار أصحابه في الخروج، فأشار عليه عبد الله بن أبي بن