وكان قد سمع من أبيه كثيرًا، غير أنه لم يكن له عناية بالحديث مثل والده.
قال أبو سعد في حقّه: من أولاد المحدّثين والأئمة.
وكان فقيهًا فاضلًا، واعظًا كاملًا، حسن الصمت، وصولًا للأصدقاء.
قدم "مرو"، سنة سبع وأربعين، متوجّهًا إلى "الحجاز".
وانصرف من "نيسابور" لموت السلطان، وتشوّش الطرق. قال: ثم لما وافيتُ "سمرقند"، أول سنة تسع وأربعين، لقيتُيه بها، واجتمعتُ به، وكان يُعيرني الكتبَ والأجزاءَ، ويزورني، وأزوره، ومع كثرة اجتماعى معه، وشدّة أُنسي به، لم يتفقْ لي أن أسمع منه شيئًا بـ "سمرقند".
وقدم علينا "بخارى"، في سنة إحدى وخمسين، عازمًا على الحجّ، وورد "بغداد"، وأقام بها شهرين في التوجّه والانصراف، أيامًا قلائل، لأن الحروب قائمة بين أمير المؤمنين المقتفي لأمر الله، والسلطان محمد شاه، والناس في شدّة عظيمة، وكان ذلك في صفر سنة اثنتين وخمسين، فخرج من "بغداد"، متوجّهًا إلى وطنه، فلمّا وصل إلى "قُوْمَس"، وجاوز "بسطام"، خرج جماعة من أهل القلاع، وقطعوا الطريق على القافلة، وقتلوا مقتلةً عظيمةً من العلماء، والقافلين من "الحجاز"، أكثر من سبعين نفسًا، وكان فيهم المجد النسفي، رحمه الله تعالى.
قال: سمعتُ بعض الحجّاج القافلين من أهل "سمرقند"، يقول: قتل الإمام المجد النسفي يوم الاثنين، السابع والعشرين من جمادى الأولى، سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، بقرب "كوف"، من نواحي "بسطام"، وكان عليه ثلاث ضربات، ضربة على رأسه، وضربتان في رقبته، ودفن بهذه القرية، وأراد