للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعض دكاكين "قسطنطينية" متّجرا، وكان يتردّد إليه بعض الصلحاء والمجذوبين، فإذا برجل مجذوب أتاه صبيحة يوم، فقال للسوقي في أثناء كلامه ألك عندي حاجة، فخطر له كون المولى المزبور قاضيا بـ "العسكر"، فذكره له، والتمسَ منه التوجّهَ في ذلك، فقال المجذوب: إن أردتَ حصول ذلك المطلوب فقلْ للمولى المزبور يفرز لي من ماله مائتى دينار، ويعين واحدا من عبيده للعتق، فإذا فعل ذلك يحصل المراد، إن شاء الله تعالى.

فذهب ذلك الرجل السوقي إلى المولى المزبور، وعرض عليه القصّة، وأخبره بما جرى بينه وبين المجذوب، فلمّا سمعه استخفّ به، وضحك، وقال: إن أولياء الله المتصرّفين في عالم الملكوت متبرّؤن من طلب مال في عمل لهم. وأما قضاء العسكر فطريقي الذي لا يقوتني، وما أنت إلا رجل أبله، فقال له السوقى: لعلّ في ذلك حكمة خفيّة، وباحث معه، وآل الأمرُ إلى أن قال المولى المزبور: إن عين ذلك الرجل يوم النصب نفعل ما ذكره.

فافترقا على ذلك، فلمّا أصبح السوقي، وفتح حانوته صبحه المجذوب، وسأله عن القضيّة، فلم يجبْه بشيء، واستحيى من المجذوب، فقال المجذوب: قد سمعتُ كلّ ما جرى بينك وبينه، فأخذ من الحانوت ورقة، وطواها على طولها، ثم قطعها قطعتين، وقال: أنا أفعل بمن طلب التعيين كذلك، وقد عزلتُه عن منصبه، ودمّرتُه تدميرا، فلمّا سمعه السوقي تطير منه، وقامتْ قيامته، فقبَّل يدَ المجذوب، واستعفى، وبكا.

وقال له المجذوب: لم أدر انعطافك لهذا القدر، فإذا لا بدّ من تدارك الأمر في الجملة، ففعل أفعالا غريبة خارجة عن طور العقل، ثم قال: وأما العزل فلا بدّ من الوقوع اليوم الفلاني، فراح إلى سبيله، وبقي السوقي

<<  <  ج: ص:  >  >>