المجاهيل في أمور مجهولة غير الكشف عن جهل مسجّلة بملء شدقيه، وعن طويته بين جنبيه؟. أكان الطحاوي قاضيا، حتى يصبح رميه بأمور تتعلّق بالجور في القضاء؟ وهو الذي كان يحضّ القاضى على محاسبة الأمناء، صونا للحقوق عن الضياع، وإيصالا لها إلى أصحابها، فيثورون، ويفورون، ويدبّرون تدابير ضدّه، من غير أن يحيق المكرُ السيئ إلا بأهله، كما سبق، وليس الفاجر يستفتي العلماء في استباحة الفجور، ولم يكن الطحاوي من الطراز الذي يخصّ أميرا أو وزيرا بفتيا، وكتاب السر يعزى إلى غيره، وقد وردت على المعري فريته السخيفة في موضعه، وبهت الأشرار على الأبرار، لا يأخذ به نيلا منهم إلا مثلهم. وكان الطحاوي رضي الله عنه من أشدّ العلماء ردّا على مبيحى الأثفار. راجع معاني الآثار (٢: ٢٣)، بخلاف ابن حجر، فإنه قوى ثبوت القول به في "التلخيص الحبير"(٣٠٧)، وهذا مما يندي جبين العالم خجلا، لكن من لم يأب التغزّل في الغزلان، وألّف خمس رسائل في هذا الشأن، لا يأبى أن يلطخ الجباه الطاهرة بصنوف الأقذار من أهل الهذيان، وهو يعلم تكذيب كثير من علماء "الأندلس" لمسلمة بن القاسم القرطبي، وقول ابن الفَرَضى وغيره فيه: إنه ضعيف العقل، صاحب رقى ونير نحات حفظ عليه كلام سوء في التشبيهات.
وقول الذهبي وغيره فيه: إنه ضعيف، وما قيل: إنه كان من المشبّهة، فبرواية مثله الموهمة، لا يطعن فيمن ثبتتْ أمانته وديانته، وثقته وإمامته، إلا من في نفسه حاجة -حفظنا الله من شرور أنفسنا، وألهمنا العدلَ في كلّ الأمور- وكان مسلمة أخذ مذهب المشبّهة عن شيخ السالمية أحمد بن محمد بن سالم البصري المذكور، حاله فيما علّقناه على "تبيين كذب المفتري"، وليس في استطاعة ابن حجر تبرئته من هذا المذهب الردي. ومضرب المثل