السائر المصري فضحت نفسك بيديك يعرفه ابن حجر جيّدا، وقد سجّله الجمال بن عبد الهادي المعروف بابن المبرّد في كتابه عن القرن التاسع في ترجمة ابن حجر، وصيغة مثل ابن النديم بعيدة عن أن تكون صالحة للاحتجاج بها. راجع طبقات ابن السبكى (٤: ١٨) لتعلم رأي الشافعية في لزوم الحدّ أو سقوطه. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وأما قول الأستاذ أبي منصور عبد القاهر التميمي في نقضه لكتاب أبي عبد الله محمد بن يحيى بن مهدي الجرجاني في ترجيح مذهبه: واستقصى محمد بن جرير الطبري الشروط قي كتاب على أصول الشافعي، وسرق أبو جعفر الطحاوي من كتابه ما أودعه كتابه، وأوهم أنه من منتجات أهل الرأي فدليل على صواب ما ادّعاه الفخر الرازي من أهل مذهبه فيه من أنه كان شديد التعصّب على المخالفين، ولا يكاد ينقل مذهبهم على الوجه -راجع: رسالة الرازي في مناظرته لأهل "ما وراء النهر"- فهل كان ابن جرير مصري الدار يسكن الطحاوي، حتى يتمكّن الطحاوي من سرقة كتاب ابن جرير في الشروط؟ وكتب الطحاوي في الشروط على مذهب أصحاب أبي حنيفة أفهل كان الكتاب المسروق مؤلّفا على مذهب أبي حنيفة؟! فإن كان ابن جرير كتب كتابا في الشروط، فإنما يكتبه على مذهبه الخاص، لأنه مجتهد مطلق بستقلّ، لا على مذهب أبي حنيفة، ولا على مذهب الشافعي، ودار ابن جرير في "طبرستان" في حوض بحر الخرز مدّة، وفي "بغداد" مدّة، وبعدهما عن "مصر" معلوم، فيكون يتصوّر أن يسرق أحدهما من الآخر خلسة؟! وليس بين وفاتيهما مدّة كبيرة، تسع لإخفاء السرقة، على أكبر تنزيل، على أن كتاب الشروط المعزو إلى ابن جرير باسم "أمثلة العدول" مما لا وجودَ له بين تراث السلف إلا في كتب التراجم.