وأما الكلام فلو رآه الأشعري لقرّبه وقرّ به، وعلم أنه نصير الدين ببراهينه، وحججه المهذّبة المرتّبة.
وأما الأصول فـ "البرهان" لا يقوم عنده بحجّة، وصاحب "المنهاج" لا يهتدى معه إلى محجّة.
وأما النحو فلو أدركه الخليل لاتخذه خليلا، أو يونس لأنس بدرسه، وشفى منه غليلًا.
وأما المعاني فـ "المصباح" لا يظهر له نور عند هذا الصباح، وماذا يفعل "المفتاح" مع مَنْ ألقتْ إليه المقاليدَ أبطالُ الكفاح.
إلى غير ذلك من علوم معدودة، وفضائل مأثورة مشهودة:
هُو البحرُ لا بَلْ دونَ مَتتا عِلْمِهِ البحرُ … هو البدرُ لا بل دونَ طَلْعَتِهِ البدْرُ
هُوَ النَجْمُ لا بل دونَه النجمُ رُتْبَةً … هو الدُّرُّ لا بل دون مَنْطِقِه الدُّرُّ
هو العالِمُ المشهورُ في العصرِ والذي … به بين أَرْبابِ النُهَى افْتَخَرَ العَصْرُ
هو الكاملُ الأَوْصافِ في العلم والتُقَى … فطابَ به في كل ما قُطْرٍ الذِّكْرُ
محاسِنُهُ جَلَّتْ عن الحَصْرِ وازْدَهَى … بِأَوْصافِه نَظْمُ القصائِد والنَّثْرُ
ولد بـ "الإسكندرية"، في شهر رمضان، سنة إحدى وثمانمائة، وقدم "القاهرة" مع والده، وكان من علماء المالكية، فتلا على الزراتيتي، وأخذ النحو عن الشمس الشطنوفي (١)، ولازم القاضي شمس الدين البساطي،
(١) في القاموس (ش ط ف) شنطوف كحلزون، بلدة بمصر، وهذا الضبط هو المعهود اليوم، وقد ضبطها ياقوت بفتح أوله، وتشديد ثانيه، وفتح النون، وآخره فاء. وقال: بلدة بمصر، من نواحي كورة الغربية، عنده يفترق النيل فرقتين، فرقة تمضي شرقيا إلى تيس، وفرقة تمضي غربيا إلى رشيد، على فرسخين من القاهرة. معجم البلدان ٣: ٢٩.