كان أبوه موقعا في الديوان العالي في دولة السلطان سليمان مشتهرا بابن رمضان، وهو الذي كتب مختصرا لطيفا في أسلوب ظريف، يشتمل على حوادث الأيام وتواريخ الأنام، من بدء الدنيا إلى أواخر الدولة المزبورة.
وقد ولد المرحوم بمدينة "قسطنطينية" سنة بياض بالأصل، فلمّا نشأ، ودبّ وحصل طرفا من العلم والأدب قرأ على الشيخ المبرز في ميدان الفادة المولى المعروف بشيخ زاده، شارح "تفسير البيضاوي"، وعلى العالم الأمجد المولى المشتهر بعبد الكريم زاده، وعلى صاحب التحقيق والتمييز المولى عبد الله المعروف ببرويز، وصار ملازما من المولى سنان المارّ ذكره الآن، ثم درّس أولا بمدرسة الحاجي حسن بثلاثين، ثم مدرسة إبراهيم باشا بأربعين، كلتاهما بـ "قسطنطينية"، ثم مدرسة قاسم باشا بخمسين، ثم نقل إلى المدرسة المعروفة بخانقاه، ثم إلى المدرسة الخاصكية، ثم اتفق أن مات عدّة نفر من أولاده، فعرض له ما عرض من النفرة عن تصاريف الدنيا، فترك التدريس، واختار الانزواء.
وبعد برهة من الزمان رجع عما عليه، وصار مدرّسا بإحدى المدارس الثمان، ثم قلّد قضاء "مكة" شرّفها الله، ثم عزل، ثم قلّد قضاء "مصر"، "القاهرة"، ثم عزل، ثم قلّد قضاء "المدينة المنوّرة"، وقبل أن يتوجّه إليها رفع بيد بعض حواشيه، مكتوبا إلى السلطان، فتغيّر عليه خاطر السلطان العظيم الشان، فعزله، وأمر له بالخروج عن البلدة، فخرج متوجّها إلى الحجّ، فلمّا حجّ وعاد، مات بقرب "دمشق"، فأتي به إليها، ودفن فيه سنة ستّ وثمانين وتسعمائة.