للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كان رحمه الله تعالى مشتغلا بالعلم والعبادة، لا ينفكّ عنهما ساعة، وكان يأكلُ في كل يوم وليلة مرّة واحدة، ويكتفي بالأقلّ، وكان نحيفا في الغاية، حتى روي أنه كان يحلق سبابته وإبهامه، ويدخل فيها يده إلى أن ينتهي إلى عضده.

وحكى المولى غياث الدين أني لازمته مقدار سنتين، وقرأتُ عليه في بلدة "أزنيق"، ولم أره فرح، ولا ضحك، وكان دائمَ الصمت، مشتغلا بالعبادة، وملاحظة دقائق العلوم، وكان لا يتكلّم إلا عند مباحث العلوم، وقد اجتمعَ يوما مع المولى خواجه زاده في الجامع، وباحث معه، فغلب عليه، فلمّا رجع إلى بيته، قال له بعضُ الحاضرين اليوم غلبتَ على خواجه زاده، فقال: أني ما زلتُ أضربُ على رأس ابن صالح البخيل، وكان يلقّب جدّ المولى خواجه زاده بذلك، قال الراوي: ما رأيتُ ضحكَه إلا في هذه الساعة، يحكى أن المولى خواجه زاده ما نام على الفراش قطّ إلى أن مات المولى الخيالي، خوفا منه لفضله، وقال بعد وفاته: أنا أستلقي بعد ذلك على ظهري، وكان الشيخ عبد الرحيم المرزيغوني خليفة الشيخ زين الدين الخافي لقّن المولى الخيالي كلمةَ الذكر بالجامع الجديد بـ "أدرنه"، رأيتُه مكتوبا بخطّه على ظهر بعض كتبه التي بخطّه، وهو كتاب "التلويح".

وله من المصنّفات حواش على "شرح العقائد النسفية"، سلك فيها مسلكَ الإيجاز، يمتحن به الأذكياء من الطلّاب، وهي مقبولة بين الخواصّ وشهرتها تغني عن مدحها، وحواش على أوائل "حاشية التجريد"، وله شرح لـ "نظم العقائد" لأستاذه المولى حضر بك، ولقد أجاد فيه، وأحسن ورأيتُ بخطّه "كتاب التلويح"، وكتب في حواشيه كثيرا من كلماته الشريفة، ورأيتُ أيضًا بخطّه "تفسير القاضي البيضاوي"، كتب على حواشيه كثيرا من أفكاره اللطيفة، - طيّب الله تعالى مهجعه، ونوّر مضجعه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>