وسئل هو عن نومه في تلك المدّة، قال: كنت آخذ بغلة الشيخ، وحماره في صبيحة كلّ يوم، وأصعد الجبل لنقل الحطب إلى مطبخ الشيخ، وكنتُ أرسلهما ليرتاع في الجبل، وفي ذلك الوقت كنتُ أستند إلى شجرة، وأنام ساعة، ثم سافر هو بإذن الشيخ على التجرّد والتوكّل إلى "الحجاز"، وأعطاه الشيخ حمارا وعشرة دراهم، وأخذ من سفرة العشاء خبزة واحدة، وذهب، وليس معه غير هذه إلا المصحف الشريف، و"كتاب المثنوي"، وسرق المصحف في الذهاب، وباع "كتاب المثنوي" بمائتي درهم بإبرام البعض، ولم يكن له سوى هذا، ولم يقبلْ من أحد في سفره مالا ولا صدقة سوى دينار، نذره البعض لخواجه بهاء الدين، وقبله بإبرام منه، ومع ذلك سافر على أحسن حال وسعة نفقة، وسكن في "القدس الشريف" مدّة، وسكن بـ "مكة الشريفة" قريبا من سنة، ونذر أن يطوف الكعبة كلّ يوم سبع مرّات، وأن يسعى بين الميلين سبع مرّات، وكان كلّ ليلة يطوف بـ "الكعبة" تارة، ويقوم تارة، ويقعد تارة، ولا ينام ساعة، مع أنه كان ضعيف البنية.
ثم إن الشيخ الإلهي أرسل إليه كتابا، وطلب منه أن يجيء إليه، فرجع إلى خدمة الشيخ امتثالا لأمره.
وحكي عنه أنه قال وقع في نفسي داعية زيارة مشايخ "قسطنطينية"، فسألتُ الإجازة من الشيخ، فأذن لي، وقال: عليك بتتبّع أحوال تلك المدينة، والناس يدعونني إليها، فنزلتُ في زاوية الشيخ ابن الوفاء، فدخلتُ المسجد لأصلّي صلاة العصر، وخرج الشيخ من بابه في المحراب، وأمّ للحاضرين في الصلاة، ولما فرغوا من الصلاة اشتغلوا بالأوراد، فجلستُ من بعيد على أدب، وكلمّا رفعت رأسي أنظر إلى الشيخ يرفع الشيخ رأسه، وينظر إليّ، ولما فرغوا من الأوراد قمتُ إلى الشيخ، فقام الشيخ، واستقبلني، وعانقني، وقبّلني،