الله الدهلوي، وقرأ عليه الكتب الدرسيّة، واستفاض عن عمّيه الشيخ رفيع الدين، والشيخ عبد العزيز أيضًا، ولازمهم مدّة طويلة، وصار بحرا زاخرا في المعقول والمنقول، ثم لازم السيّد الإمام أحمد بن عرفان الشهيد البريلوي، وأخذ عنه الطريقة، وسافر معه إلى الحرمين الشريفين سنة سبع وثلاثين ومائتين وألف، فحجّ، وزار، ورجع معه إلى "الهند"، وساح البلاد والقرى بأمره سنتين، فانتفع به خلق لا يحصون بحدّ وعدّ، ثم سافر معه إلى الحدود سنة إحدى وأربعين ومائتين وألف، فجاهد معه في سبيل الله، وكان كالوزير للإمام، يجهز الجيوش، ويقتحم في المعارك العظيمة بنفسه، حتى استشهد في "بالاكوت" من أرض "باكستان".
وكان نادرة من نوادر الزمان وبديعة من بدائعه الحسان، مقبلا على الله بقلبه وقالبه، مشتغلا بالإفادة والعبادة، مع تواضع وحسن أخلاق وكرم وعفاف وشهامة نفس وصلابة دين وحسن محاضرة وقوّة عارضة وفصاحة ورجاحة، فإذا جالسه منحرف الأخلاق أو من له في المسائل الدينيّة بعض شقاق جاء من سحر بيانه بما يؤلف بين الماء والنار، ويجمع بين الضبّ والنون، فلا يفارقه إلا وهو عنه راض، وقد وقع مع أهل عصره قلاقل وزلازل، وصار أمره أحدوثة، وجرتْ فتن عديدة في حياته وبعد مماته، والناس قسمان في شأنه: فبعض منهم مقصر به عن المقدار الذي يستحقّه، بل يريعه بعظائم، وبعض آخر يبالغ في وصفه، ويتعصّب له كما يتعصّب أهل القسم الأول، وهذه قاعدة مطّردة في كلّ من يفوق أهل عصره في أمر.
وأما مختاراته في المسائل الشرعية:
فمنها: أنه ذهب إلى أن رفع اليدين في الصلاة عند الافتتاح والركوع والقيام منه والقيام إلى الثالثة سنة غير مؤكّدة من سنن الهدي، فيثاب فاعله