للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقدْ ألفت العلماء الحفَّاظ، والثقات الأيقاظ في سيرته ومعجزاته، وفي خصائصه، صلى الله عليه وسلم، كتبًا كثيرة، ومجلدات كبيرة، لا يحيط بها حد، ولا يحصرها عدٌّ.

وكل منهم بذل جهده، ولم يدّخر شيئًا عنده، وما أتوا بعُشر مِعشار فضائله، ولا بقطرة من بحار فواضله، وكان أكثر مما قيل ما بكوا، كل منهم ينشد مع ذلك بلسان حاله، أو لسان قاله، مُعتذرًا عن تقصيره، ومُخبرًا بما هو الواقع في ظاهر ضميره، قول صاحب "البردة"، رحمه الله تعالى:

وإنَّ فَضْلَ رَسُلِ الله ليسَ لهُ … حَدٌ فيُعْرِبُ عَنْهُ ناطق بِفَمِ

وأجمع ما وقفتُ عليه من ذلك، كتاب "الخصائص الكبرى" للجلال السيوطي، وكتاب "السيرة النبوية" للحافظ تقى الدين المقريزى، فمن أراد أن يُنزه بصره وبصيرته في رياض الجنة، فعليه بمطالعتهما، والوقوف عليهما، جزاهُما الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم أحسن الجزاء بمنه، وكرمه، آمين.

ومدحه صلى الله عليه وسلم بالشعر جماعةٌ عديدة، من رجال الصحابة ونسائهم، جمعهم الشيخ الإمام الحافظ فتح الدين بن سيّد الناس اليعمري في قصيدة ميمية، ثم شرحها في مجلد، سماها "منح المدح"، ورتّبهم على حروف المعجم، فأربى في هذا الجمع على الحافظ ابن عبد البر؛ لأنه ذكر منهم ما يقارب المائة والعشرين، أو ما يزيد على ذلك، والشيخ فتح الدين قارب المائتين، كذا قال الصلاح الصفدي، وقال: لا أعلم أحدًا حصل من الصحابة الذين مدحوا النبي صلى الله عليه وسلم، هذا القدر، وقد كتبت هذا المصنف بخطي، وسمعت من لفظه ما يقارب نصفه، وأجازني البقية.

وأما شعراؤه الذين كانوا بصدد المناضلة عنه، والهجاء لكفَّار قريش، فإنهم ثلاثة: حسَّان بن ثابت الأنصاري، وعبد الله بن رواحة الأنصاري، كعب بن مالك الأنصاري، وكان حسان يقبل بالهجو على أنسابهم، وعبد

<<  <  ج: ص:  >  >>