المجاهد، وأخذ عنه الطريقة وبعد شهادته رجع إلى "تهانه بهون"، فأقام بها زمانا، ثم دخل "لوهاري"، ولازم الشيخ نور محمد الجهنجهانوي، وأخذ عنه الطريقة، وفتح الله سبحانه عليه أبواب المعرفة، وجعله من العلماء الراسخين في العلم، فتصدّر للإرشاد والتلقين بأمر شيخه.
(وثار المسلمون وأهل البلاد على الحكومة الإنجليزية سنة أربع وسبعين ومائتين وألف، وقامتْ جماعة من العلماء والصلحاء وأهل الغيرة من المسلمين في "سهارنبور" و"مظفّر نغر"، فأعلنوا الحرب على الإنكليز، واختاروا الشيخ إمداد الله أميرا لهم، واشتبك الفريقان في ميدان "شاملي" قرية من أعمال "مظفّر نغر"، فقتل حافظ محمد ضامن شهيدا، وانقلبت الدائرة على المسلمين، ورسختْ أقدام الإنكليز، واشتدّ بطشُهم بكلّ من اتّهم بالمشاركة في هذه الثورة، وضاقتْ على العلماء العاملين الغياري الأرض، وضاق مجال العمل في "الهند"، وقضى بعض الرفقة مدّة في الاختفاء والانزواء، ولجأ بعضهم إلى الهجرة ومغادرة البلاد، وآثر الشيخ إمداد الله الهجرة إلى "مكّة المكرّمة"، ودخل "مكة" سنة ستّ وسبعين ومائتين وألف، وألقى رحله بالبلد الأمين، وكان أول إقامته على "الصفا"، ثم انتقل إلى حارة الباب، حيث قضى حياته، ولقي ربّه، وعاش أياما طويلة في عسر شديد، وفقر وفاقة، شأن الأولياء المتقدّمين، وهو صابر محتسب، راض بما قسم الله له من الحال، حتى جاء الله بالفرج، وأبدل العسر باليسر، وجاءتْه الدنيا راغمة، واشتغل بالمجاهدات والعبادات، متوجّها إلى الله بقلبه وقالبه، دائم الذكر والمراقبة، فائض القلب والباطن بالعلوم والأنوار، مع هضم للنفس وإطراح على عتبة العبودية، وتواضع للعباد، وعلوّ همّة وشهامة نفس، وإجلال للعلم والعلماء، وتعظيم للشريعة والسنّة السنية، حتى غرس الله حبّه في قلوب عباده، وعطف قلوب العلماء الكبار والمشايخ الأجلاء إلى الرجوع إليه والاستفادة منه، وأمّه